أعلنت السلطات الانتقالية في
مالي، عن تنفيذ موجة جديدة من
الاعتقالات شملت ضباطا كبارا في
الجيش وجنرالين اثنين، إلى جانب
مواطن فرنسي قالت إنه يعمل لصالح أجهزة الاستخبارات في بلاده، وذلك في إطار ما
وصفته بـ"إحباط محاولة لزعزعة استقرار البلاد".
وجاء في بيان تلي على التلفزيون الرسمي أمس الخميس، أن
المحاولة "خطط لها عسكريون ومدنيون تلقوا دعما من دولة أجنبية"، مؤكدا
توقيف جنرالين اثنين وعدد من الضباط، إضافة إلى الفرنسي المتهم بالتجسس.
وكانت وسائل إعلام دولية قد نقلت عن مصادر
أمنية وحكومية أن ما بين 36 و40 عسكريا تم توقيفهم خلال الأيام الأخيرة، في ظل
تصاعد الشكوك حول وجود انقسامات داخل المجلس العسكري الحاكم.
وبين الموقوفين الجنرال عباس ديمبيلي،
القائد السابق في شمال البلاد قبل أن يتولى منصب حاكم موبتي، والعميد نعمة ساجارا،
عضو أركان القوات الجوية، والذي ينتمي إليها وزير المصالحة الوطنية الجنرال
إسماعيل واغي.
هذه التطورات يُنظر إليها داخليا بمثابة
مؤشر على "حرب باردة" بين الرئيس الانتقالي، الجنرال عاصيمي غويتا،
ووزير دفاعه ساديو كامارا، وسط خلافات بشأن ملفات التعاون الدولي، خصوصا مع الدول
الغربية. ويأتي ذلك في سياق مرحلة انتقالية شائكة تعيشها مالي منذ الإطاحة بالرئيس
إبراهيم بوبكر كيتا عام 2020، حيث تعهد المجلس العسكري بتنظيم انتخابات، لكنه
يواجه ضغوطا داخلية وخارجية بسبب تأجيل الاستحقاقات وتنامي النفوذ العسكري في
السلطة.
اظهار أخبار متعلقة
وفي سياق متصل، شهد اليوم ذاته انعقاد أول
اجتماع رسمي بين روسيا وقادة مالي والنيجر وبوركينا فاسو، انتهى بتوقيع مذكرة
تفاهم دفاعية، في خطوة تعزز المحور العسكري الجديد في منطقة الساحل. وقال وزير
الدفاع الروسي أندريه بيلوسوف إن المشاورات "تفتح فصلا جديدا في التعاون
الدفاعي"، فيما أكد وزير الدفاع المالي أن "الدفاع هو حاليا أكبر مجال
للشراكة بين البلدين".
ويأتي هذا التوجه بعد انسحاب القوات
الفرنسية وقوات "برخان" من مالي ودول الساحل، الأمر الذي منح موسكو فرصة
لتوسيع حضورها العسكري والسياسي في المنطقة، على حساب النفوذ الفرنسي التقليدي.
ولا يمكن فصل اتهام السلطات المالية
للمخابرات الفرنسية بالتورط في محاولة
انقلابية، عن الصراع الأوسع على النفوذ في
الساحل، حيث تسعى باريس لاستعادة موطئ قدم بعد خسارتها لعدد من قواعدها
الاستراتيجية، فيما تراهن باماكو وحلفاؤها الجدد في نيامي وواغادوغو على الدعم
الروسي لتعزيز استقلال قرارهم العسكري والسياسي، في ظل تحولات عميقة قد تعيد رسم الخريطة
الجيوسياسية للمنطقة.
والجمعة، قالت الحكومة التي يقودها الجيش في مالي في بيان ووسائل إعلام رسمية إن السلطات ألقت القبض على جنرالين ومواطن فرنسي بتهمة المشاركة فيما يشتبه في أنها مؤامرة لزعزعة استقرار البلاد.
وتعاني مالي من اضطرابات مستمرة منذ أكثر من عقد بما شمل نشاط جماعات تمرد من الإسلاميين في شمالها القاحل بالإضافة إلى اضطرابات سياسية وصلت إلى ذروتها بوقوع سلسلة انقلابات خلال عامي 2020 و2021 أوصلت الرئيس الحالي الجنرال أسيمي جويتا إلى السلطة.
وذكرت وزارة إدارة الأراضي في بيان أصدرته في وقت متأخر من مساء أمس الخميس أن المعتقلين من بينهم فرنسي اسمه يان فيزيلييه.
وفي السنوات القليلة الماضية، توترت علاقات فرنسا مع دول كانت ضمن مستعمراتها في الماضي في منطقة الساحل بغرب أفريقيا، بعد أن كانت وثيقة، عندما أطاح ضباط جيش بالحكومات المدنية في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وسحبت فرنسا قواتها المشاركة في عمليات لمحاربة مسلحين إسلاميين هناك تحت ضغط من القيادة الجديدة في تلك البلدان. ولجأت مالي، التي قطعت علاقاتها العسكرية أيضا مع فرنسا، إلى روسيا للحصول على الدعم.
واتهمت الوزارة في البيان فيزيلييه بالعمل لصالح أجهزة مخابرات فرنسية لحشد سياسيين وعسكريين وشخصيات من المجتمع المدني.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية اليوم الجمعة إن ليس لديه تعليق رسمي على اعتقال فيزيلييه.
وعرضت وسائل إعلام رسمية في مالي صورا لعشرة أشخاص آخرين اعتقلتهم الحكومة بتهمة التورط في ما تصفه بأنه مؤامرة، ومن بينهم الجنرال عباس ديمبيلي الحاكم السابق لمنطقة موبتي وسط البلاد والجنرال نيما ساجارا، وهو من القادة العسكريين البارزين أيضا.
ولم تحدد الوزارة إجمالي عدد المعتقلين لكنها وصفتهم بأنهم "مجموعة من العناصر الهامشية" وقالت إن الوضع تحت السيطرة.
ولم تف السلطات العسكرية في مالي بوعدها بإجراء انتخابات. وبدلا من ذلك، حصل جويتا في يونيو حزيران على فترة ولاية مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد وتم تعليق الأنشطة السياسية في البلاد.