حول العالم

شلل تام في أنفاق لندن مع بدء إضراب نقابة النقل.. بماذا يطالب الموظفون؟

الإضراب يستمر أربعة أيام متقطعة ويشارك فيه نحو 10 آلاف موظف من سائقي القطارات وموظفي المحطات- جيتي
الإضراب يستمر أربعة أيام متقطعة ويشارك فيه نحو 10 آلاف موظف من سائقي القطارات وموظفي المحطات- جيتي
شهدت العاصمة البريطانية لندن، صباح الاثنين، حالة من الشلل شبه التام في شبكة مترو الأنفاق، مع انطلاق أول أيام الإضراب الذي دعت إليه نقابة عمال النقل (آر إم تي)، في وقت تعطّل فيه الموقع الإلكتروني لشركة النقل في لندن وتطبيقها المخصص للتنقل، ما زاد من معاناة مئات الآلاف من الركاب الباحثين عن طرق بديلة للوصول إلى أعمالهم.

الإضراب، الذي يستمر أربعة أيام متقطعة، ويشارك فيه نحو 10 آلاف موظف من سائقي القطارات وموظفي المحطات، تسبب في إغلاق شبه كامل لشبكة المترو، باستثناء خدمات محدودة على أجزاء سطحية من خط المركزي (سنترال) وخط العالمي (متروبوليتان)، بينما بقيت شبكة القطارات فوق الأرض والسكك الوطنية تعمل بشكل طبيعي، مع إغلاق بعض المحطات الرئيسية مثل فارينغدون.

ومع توقف المترو، شهدت شوارع لندن طوابير طويلة عند مواقف الحافلات، كما ازدحمت القطارات على خط إليزابيث، فيما ارتفعت أسعار الرحلات عبر تطبيق أوبر إلى مستويات مضاعفة، حيث وصلت تكلفة بعض الرحلات القصيرة إلى نحو 50 جنيهاً إسترلينياً لمسافة خمسة أميال فقط.

اظهار أخبار متعلقة


وعلى وقع الأزمة، تعرضت المنصات الرقمية لشركة “تي إف إل” لضغط هائل من عمليات البحث، ما أدى إلى توقف “مخطط الرحلات” الإلكتروني وتطبيق النقل في لندن عن العمل خلال ساعات الصباح.

ما مطالب الموظفين؟
من جهتها، أكدت النقابة أن الإضراب يأتي ضمن تحركاتها للضغط من أجل تخفيض أسبوع العمل الحالي (36 ساعة)، معتبرة أن عرض “تي إف إل” برفع الأجور بنسبة 3.4% غير كافٍ. بالمقابل، شددت الشركة على أنها لا تستطيع تلبية مطلب خفض ساعات العمل، ودعت النقابة إلى طرح العرض على أعضائها في استفتاء جديد.

ومن المتوقع أن يكون الثلاثاء اليوم الأصعب على العاصمة، إذ عادة ما يلتزم كثير من الموظفين بالعمل من المنزل أيام الاثنين والجمعة، ما ينذر بازدحام خانق في شوارع ومواصلات لندن خلال منتصف الأسبوع. كما أعلنت شركة النقل أن شبكة القطارات الخفيفة الأرصفة البحرية (دوكلاندز) ستتوقف الثلاثاء والخميس بسبب نزاع عمالي منفصل، ما قد يضاعف الضغط على بقية وسائل النقل.

تأتي هذه الإضرابات في وقت حساس للحكومة العمالية الجديدة بقيادة كير ستارمر، التي رفعت شعار “إعادة بناء الثقة” في مؤسسات الدولة بعد سنوات من الاضطرابات السياسية والاقتصادية. ويضع الإضراب ضغوطاً إضافية على الحكومة وعلى رئيس بلدية لندن صادق خان، مع تصاعد الانتقادات بشأن عجزهما عن التوصل إلى اتفاق يضمن استمرارية أحد أهم شرايين الحياة في العاصمة.

اظهار أخبار متعلقة


ويهدد تكرار الإضرابات في قطاع النقل صورة لندن كعاصمة مالية وتجارية عالمية، إذ يربك حركة الموظفين والمستثمرين والسياح على حد سواء. كما يُنظر إلى عجز “تي إف إل” عن مواكبة الضغط الرقمي، بعد انهيار موقعها وتطبيقها في أول أيام الإضراب، بوصفه مؤشراً مقلقاً على ضعف البنية التكنولوجية في مؤسسة يفترض أن تقود النقل الحضري الحديث في واحدة من أكبر مدن العالم.

وإذا كانت نقابة “آر إم تي” تركز على تحسين ظروف العمل وتقليص الساعات، فإن تكرار هذه النزاعات يثير مخاوف من إضعاف ثقة المواطنين في وسائل النقل العامة ودفعهم للاعتماد أكثر على السيارات الخاصة وخدمات التوصيل، بما يفاقم أزمات التلوث والازدحام التي تعانيها لندن أصلاً.

ويُذكر أن العاصمة شهدت خلال الأعوام الأخيرة سلسلة من الإضرابات المماثلة، أبرزها في عامي 2022 و2023، حين توقفت شبكة المترو عدة مرات بسبب خلافات حول الأجور والتقاعد، ما كبّد الاقتصاد خسائر ملحوظة وزاد حدة المواجهة بين النقابة والحكومات المتعاقبة. وهو ما يجعل الإضراب الحالي امتداداً لصراع طويل الأمد، يعكس عمق التوتر بين العاملين في قطاع النقل وسلطات المدينة، ويهدد بمزيد من الاضطرابات في شريان الحياة اليومي لملايين اللندنيين.
التعليقات (0)