قال
مركز جنيف الدولي للعدالة إنه على الرغم من البيانات الحكومية العراقية التي تتحدث عن نجاح العملية الانتخابية التي جرت في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، إلاّ أنّ تقارير متواترة تؤكّد أن عملية الاقتراع قد شابها خروقاتٍ وانتهاكاتٍ خطيرة لمعايير النزاهة والشفافية والاستقلالية.
وأضاف المركز الحقوقي في بيان له، أن هذه الانتخابات تُعد السادسة منذ عام 2003، غير أنّها، وكما في كل مرة، لم تُفضِ إلى أي تغيير حقيقي في بنية النظام القائم على المحاصصة الطائفية، إذ أعادت للواجهة نفس القوى المهيمنة على مؤسسات الدولة منذ عام 2003 على الرغم من الرفض الشعبي الواسع لها.
وأوضح مركز جنيف، أن أوساطا عراقية واسعة عبّرت عن خيبة أملها بما أسفرت عنه هذه الانتخابات، مؤكدةً إن استمرار الوجوه الحاكمة نفسها في السيطرة على البرلمان والحكومة يعكس هيمنة منظومة، وصفها بالـ(فاسدة)، تمكّنت من صياغة القوانين الانتخابية بما يضمن بقاءها في السلطة، ومنع أي منافسة حقيقية، كما تشكل مشاركة كيانات وشخصيات ترأس مليشياتٍ مسلحة، أو تعتبر من أعضائها، انتهاكاً صارخاً للدستور العراقي الذي يحظر مشاركة الكيانات السياسية التي لديها أجنحة مسلّحة في الانتخابات.
اظهار أخبار متعلقة
وعبر المركز عن أسفه من أن تتسرّع بعثة الأمم المتحدة لمساعدة للعراق (يونامي) وإعلانها، حتى قبل استكمال التصويت، أن الانتخابات جرت في أجواءٍ "نزيهة ومنظمة"، في حين إنّ الوقائع الميدانية وشهادات المراقبين المستقلّين والمنظمات المحلّية تشير إلى العكس تماماً حيث الادعاءات الموثقة بالتزوير والتهديد والفساد، مشيرا إلى أن إنّ هذا الموقف يجعل من الأمم المتحدة شاهد زورٍ على انتهاك إرادة الشعب العراقي، ويقوّض ثقة المواطنين بالمنظمة الدولية ودورها المفترض في دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وأكد مركز جنيف الدولي للعدالة في بيانه، تسلمه تقارير وشهاداتٍ ميدانية تقوّض تماماً نزاهة واستقلالية الانتخابات، وتضفي ظلالاً كثيفة من الشكّ على النتائج وفي كيفية سير العملية الانتخابية، لافتا إلى وجود تقارير كثيرة تؤكد حدوث حالاتٍ واسعة من التلاعب بالنتائج، وعمليات تهديد للناخبين للتوجه إلى صناديق الاقتراع وانتخاب أشخاصٍ معينين، كما سبق الانتخابات عمليات واسعة، وعلنية، لشراء الأصوات، وأُستخدِم المال السياسي على نطاقٍ واسع، ومفضوح، لدعم مرشحين محدّدين.
وأشار أيضا، إلى أن المليشيات المسلّحة مارست دورها المعتاد لترهيب الناخبين ودفعهم لانتخاب قوائم تضمّ أعضائها، حيث أُجبر مرشحون على الانسحاب، كما جرت حالات تهديد وإغتيال لمرشحين آخرين، مضيفا أن الانتخابات جرت في جوٍ مشحون تصاعد فيه الخطاب الطائفي من قبل عددٍ غير قليل من المرشحين البارزين، الذين استخدموا هذا النوع من الخطاب، وما فيه من ادعاءاتٍ وتخويف، لجمع المزيد من الأصوات من الذين ينطلي عليهم مثل هكذا ادعاءات.
وقال أيضا، إن ما يدعو لمزيد من الأسف، هو أنّ بعض الجهات والأحزاب التي فازت مجددًا في هذه الانتخابات هي ذاتها المسؤولة عن ارتكاب فظائع وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، منها، "جرائم التهجير القسري؛ التعذيب وسوء المعاملة داخل السجون؛ الإخفاء القسري الذي طال عشرات الآلاف لأسبابٍ طائفية، فضلاً عن ملاحقة واغتيال المئات من الناشطين والإعلاميين؛ واستخدام عقوبة الإعدام بصورة تعسفية ضدّ المنتقدين والمعارضين السياسيين.
وختم مركز جنيف الدولي للعدالة بيانه متسائلا بناءًا على ما تقدم، كيف يمكن لجهاتٍ متهمة بارتكاب هكذا انتهاكات أن تفوز في كلّ دورة انتخابية، بينما يقف الشعب العراقي بوضوح ضدّها، ويطالب بتغييرها؟، لافتا إلى أن استمرار هذه النتيجة يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أنّ العملية الانتخابية تخضع لتلاعبٍ ممنهج ومصمَّم لضمان بقاء ذات النخبة في السلطة، في ظل منظومة قانونية وانتخابية صُمّمتت لخدمة مصالحها حصراً، وأنهى مركز جنيف للعدالة بيانه بعدد من المطالب جاءت وفق ما يلي:
1- تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للنظر في الانتهاكات التي رافقت الانتخابات وتقييم شرعيتها.
2- إعادة النظر في الإطار القانوني للانتخابات بما يضمن المنافسة العادلة وحياد الدولة.
3- وقف مشاركة الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة إلى حين نزع سلاحها وخضوعها للقانون.
3- ضمان حماية الناخبين والنشطاء والصحفيين من أعمال الترهيب والانتقام.
اظهار أخبار متعلقة
وكانت وكالة رويترز قد أكدت بأن شريحة الشباب العراقيين يرون في الانتخابات بمثابة وسيلة للأحزاب المتنفذة من أجل تقاسم ثروة البلاد النفطية بينها، كما كشفت وكالة "
أسوشيتد برس" أن الإقبال على المشاركة الشعبية كان ضعيفاً في عدد من مراكز الاقتراع التي زارها مراسلوها في بغداد وعدد من المحافظات.
بدوره، قال معهد
تشاتام هاوس إن الانتخابات في العراق ليست استفتاءً على أداء الحكومة، بل فرصة للنخب الحزبية الراسخة لإعادة توزيع سلطتها فيما بينها، وستكون المقاعد التي تُحصد في صناديق الاقتراع بمثابة أوراق ضغط تستخدمها النخب إلى جانب أدوات نفوذ أخرى، بما في ذلك العنف والتعبئة الشعبية، في ظل تنافس الأحزاب على المناصب الحكومية العليا