ملفات وتقارير

حراك قضائي أوروبي يتصاعد ضد شبكات توريد الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي

إليك عنوانًا آخر مقترحًا:  **قضايا أوروبية تربك تجارة السلاح مع الاحتلال الإسرائيلي.. موجة محاكمات وحظر متصاعد بعد حرب غزة - أ ف ب "أرشيفية"
إليك عنوانًا آخر مقترحًا: **قضايا أوروبية تربك تجارة السلاح مع الاحتلال الإسرائيلي.. موجة محاكمات وحظر متصاعد بعد حرب غزة - أ ف ب "أرشيفية"
تشهد عدة دول أوروبية حراكا قضائيا متناميا يستهدف شركات وحكومات متهمة بتوريد أسلحة ومعدات عسكرية للاحتلال الإسرائيلي، جرى استخدامها خلال حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، في تطور يعكس تحولا في المزاج القانوني والسياسي داخل القارة تجاه العلاقة العسكرية مع تل أبيب.

في إسبانيا، يمثل ثلاثة من كبار مسؤولي شركة "سيدينور" الباسكية المتخصصة في الصناعات المعدنية أمام المحكمة الوطنية في مدريد، على خلفية اتهامات بتزويد شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية بكميات من الفولاذ الذي استخدم في إنتاج معدات شاركت في الهجمات على غزة. 

وتعد هذه القضية الأولى من نوعها في البلاد، وتستهدف للمرة الأولى سلسلة توريد أوروبية مرتبطة بشكل مباشر بعتاد عسكري وظف في العمليات الإسرائيلية.

وقال مزيد خليلية، المتحدث باسم الجمعية الفلسطينية في كتالونيا — الجهة التي تقدمت بالشكوى في تصريحات صحفية، إن الخطوة تمثل "انتصارا جديدا يضاف إلى سلسلة الانتصارات القانونية التي تحققت خلال السنوات الأخيرة". 

وأضاف: "اليوم يمثل أهم ثلاثة مسؤولين في سيدينور أمام المحكمة في سابقة قضائية مهمة"، مشيرا إلى أن عددا من المحامين يتابعون الملف عن قرب.

واتهم خليلية الشركة الإسبانية ببيع مواد يستخدمها الاحتلال الإسرائيلي "في عمليات إجرامية تستهدف الأطفال والنساء والأبرياء في غزة". وأكد أن الضغط الشعبي والمؤسساتي الأوروبي ترك أثرا واضحا في تغيير المسار القانوني، ليصبح الاحتلال ومن يتعاون معه عرضة للملاحقة داخل أوروبا.

اظهار أخبار متعلقة



تراجع موقع الاحتلال في سوق السلاح الأوروبي
وتأتي هذه القضايا في وقت تواجه فيه تل أبيب تحولات مؤثرة في تعامل كبار مصدري السلاح معها، خصوصا بعد أن صنفت عدة دول أوروبية حربها على غزة بأنها إبادة جماعية. 

وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تعد إسرائيل ثامن أكبر مصدر للسلاح في العالم، وتمثل صادراتها 3.1 بالمئة من الإجمالي العالمي.

لكن مكانة تل أبيب في السوق الأوروبي بدأت تتراجع، مع اتساع الضغوط السياسية والقانونية، خصوصا مع إعلان ألمانيا — أكبر مورد أوروبي لها — في آب/أغسطس الماضي٬ وقف إصدار أي تراخيص جديدة لأسلحة قد تستخدم في غزة، وهو ما شكل صدمة داخل الاحتلال الإسرائيلي.

أما إيطاليا، التي مثلت 1% فقط من واردات الاحتلال من الأسلحة الرئيسية، فقد سبقت برلين في إدانة الحرب، إذ وصف وزير خارجيتها أنطونيو تاياني ما يجري بأنه "مذابح في غزة"، مؤكدا أن بلاده لم تصدر أسلحة جديدة لتل أبيب منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وفي بريطانيا، جرى تعليق نحو 30 ترخيصا لتصدير معدات عسكرية في أيلول/سبتمبر 2024، فيما خفضت فرنسا — أكبر مصدرة للسلاح أوروبيا — قيمة شحناتها للاحتلال الإسرائيلي إلى النصف عام 2024.

وكانت إسبانيا، تاسع مصدر عالمي للسلاح، الأكثر تشددا، إذ دعت منذ نهاية 2023 إلى فرض قيود على بيع السلاح للاحتلال الإسرائيلي، وألغت عقدين ضخمين مع شركات إسرائيلية بقيمة تقارب مليار يورو، قبل أن تعلن في أيلول/سبتمبر الماضي٬ فرض حظر دائم على تجارة السلاح معها.

بريطانيا: المحاكم تمنح الحكومة هامشا واسعا
ورغم تصاعد الانتقادات، رفضت محكمة الاستئناف البريطانية السماح لمؤسسة "الحق" الفلسطينية بالطعن في حكم سابق أجاز استمرار تصدير مكونات طائرات "إف35" للاحتلال.

ورأت المحكمة أن قضايا الأمن القومي والتزامات بريطانيا الدفاعية تدخل في نطاق صلاحيات الحكومة التنفيذية، معتبرة أن السلطات تستطيع الموازنة بين المخاطر الإنسانية وضرورات الشراكات العسكرية، حتى في ظل المخاوف بشأن التزام تل أبيب بالقانون الدولي.

وكانت الحكومة البريطانية قد علقت جزئيا في 2024 عددا من تراخيص تصدير الأسلحة إثر الاتهامات الدولية المتصاعدة باستخدام الاحتلال معدات بريطانية في انتهاكات محتملة، لكنها استثنت مكونات "إف35"، باعتبارها جزءا من برنامج دولي مشترك.

وفي حكم سابق، أوضحت المحكمة العليا أن وزير الأعمال آنذاك جوناثان رينولدز واجه خيارا حادا بين الانسحاب من البرنامج أو الإبقاء عليه بكل تبعاته الدفاعية والدبلوماسية.

ألمانيا: القضاء يرد دعاوى الحظر بعد وقف إطلاق النار
أما في ألمانيا، فقد رفضت المحكمة الإدارية في برلين دعوى تطالب بوقف صادرات الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي، معتبرة أن الظروف التي جرت فيها عمليات التصدير تغيرت بعد اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وتنظر المحكمة في قضيتين رفعهما فلسطينيون يطعنون في تراخيص سابقة لتصدير ثلاثة آلاف قطعة من سلاح مضاد للدبابات إلى تل أبيب، متهمين الحكومة بخرق التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، لكن المحكمة رأت أن المبررات القانونية لوقف التصدير لم تعد قائمة.

اظهار أخبار متعلقة



هولندا: الإبقاء على الحظر رغم حكم المحكمة العليا
وفي تطور لافت، أعلنت الحكومة الهولندية أنها ستبقي الحظر المفروض على تصدير قطع غيار "إف35" إلى تل أبيب٬ رغم حكم للمحكمة العليا يتيح لها التراجع عنه. وكانت محكمة أقل درجة قد قضت بمنع التصدير بسبب مخاوف من استخدام المكونات في غزة، لكن محكمة الاستئناف رفضت دعوى تقدمت بها منظمات داعمة للفلسطينيين.

وأمرت المحكمة العليا الحكومة بمراجعة سياسات التصدير، لكنها لم تفرض رفع الحظر الحالي، ما أتاح للحكومة الإبقاء عليه تحت ضغط الرأي العام.

تحول أوروبي يتعزز بعد وقف إطلاق النار
يأتي هذا المشهد القضائي المتسارع بعد أسابيع من اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس والاحتلال الإسرائيلي برعاية أمريكية، في وقت تتزايد فيه الدعوات الحقوقية داخل أوروبا لمراجعة شاملة للعلاقات العسكرية مع تل أبيب، ووضع حد لتوريد الأسلحة التي قد تستخدم في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.

ورغم تباين المواقف بين الدول الأوروبية، فإن الحراك القانوني المتصاعد يشير إلى تحول عميق في المقاربة الأوروبية، قد ينعكس مستقبلا على موقع الاحتلال في سوق السلاح العالمي، وعلى علاقتها السياسية والدفاعية مع أهم شركائها في القارة.
التعليقات (0)