صحافة دولية

جهات أمريكية تمول "إيلنت" الأوروبية لدعم الاحتلال وفق تكتيك إيباك.. تعرف عليها

قالت رئيسة وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع فلسطين إن المانحين الأمريكيين يضغطون على حكومات الاتحاد لدعم إسرائيل - حساب إيلنت
قالت رئيسة وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع فلسطين إن المانحين الأمريكيين يضغطون على حكومات الاتحاد لدعم إسرائيل - حساب إيلنت
شارك الخبر
نشر موقع "ذي انترسبت" تقريرًا أعدته أكيلا ليسي قالت فيه إن جامعي التبرعات الأمريكيين يجمعون الأموال  لدعم مجموعة أوروبية توصف بأنها "إيباك أوروبا" في إشارة إلى لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية.

وقالت إن "شبكة القيادة الأوروبية" أو إيلنت تقوم بترتيب رحلات علاقات للقادة المنتخبين وتأخذهم إلى إسرائيل وتستضيف مناسبات لأعضاء البرلمان الأوروبي وتقوم بالتأثير على السياسة الخارجية، تمامًا كما تفعل إيباك في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتبر رعنان إلياز أحد مؤسسي المجموعة والذي سبق وعمل مستشارًا سابقا في لجنة (إيباك)، وهو خريج مكتب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي.


"إقناع ألمانيا لتسليح الاحتلال"
وتنسب المجموعة لنفسها الفضل في اتخاذ قرارات رئيسية مؤيدة لإسرائيل في السياسة الخارجية، بما في ذلك إقناع ألمانيا بالموافقة على صفقة بقيمة 3.5 مليار دولار لشراء طائرات مسيرة وصواريخ إسرائيلية، وهي الأكبر في تاريخ إسرائيل، ومنذ هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر على إسرائيل، وفي خضم عامين من الإبادة الجماعية في غزة، حطمت شبكة إيلنت أرقاما قياسية في جمع التبرعات.


نفس الأساليب التي ساعدت (إيباك) لسنوات
وكشف تحليل أجراه موقع "ذي إنترسبت" أن أكثر من مئة مؤسسة أمريكية، ومنظمة غير ربحية وصندوق ائتماني وهيئة مانحة للتبرعات ساهمت بما لا يقل عن 11 مليون دولارًا أمريكيًا لفرع المنظمة في الولايات المتحدة منذ عام 2022، وهذا هو أول تحليل رئيسي حيث يكشف كيف يدعم المانحون الأمريكيون آلة دعم إسرائيل في أوروبا، ناقلين نفس الأساليب التي ساعدت (إيباك) لسنوات على قمع أي مخاوف بشأن الفلسطينيين في أروقة السلطة وتعزيز الدعم غير المقيد لإسرائيل.

ومع أن إيلنت هي أصغر حجما من إيباك، لكنها تعمل في سوق صغيرة وتقوم بنشر دائم لمواد مؤيدة لإسرائيل وتستهدف بها البرلمانيين الأوروبيين. ومع أن الولايات المتحدة هي أكبر داعم مالي وعسكري لإسرائيل إلا أن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك تجاري وله نفوذ سياسي على طريقة تعامل العالم مع إسرائيل وبخاصة بعد الاحتجاجات ضد الحرب الإبادية في غزة ومن هنا ترى أيلنت عملها ضروريًا.

ونقل الموقع عن لين بويلان، عضو البرلمان الأوروبي والممثلة الأيرلندية عن حزب شين فين، قولها: "تؤكد شبكة إيلنت بوضوح أن دورها هو إضفاء الشرعية على العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل وتعميقها، في وقت يلزمنا فيه القانون الدولي بفرض عقوبات على إسرائيل وقطع العلاقات التجارية معها. وبصفتي مشرعة في الاتحاد الأوروبي، أشعر بقلق بالغ إزاء قدرة جماعات أمريكية، على ما يبدو، على التأثير في سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل".

منظمة "أصدقاء إيلنت".. ذراع أمريكية
وتقوم منظمة "أصدقاء إيلنت"، الذراع الأمريكية غير الربحية للمنظمة، بتحويل معظم إيراداتها إلى فروع إيلنت حول العالم. وقد جمعت المنظمة أكثر من 9.1 مليون دولارًا في عام 2023، وهو العام الأخير التي تظهر فيه بياناتها الضريبية وبزيادة عن 7 ملايين دولارًا في عام 2022، وأكثر من ضعف إيراداتها في عام 2018.


ويرأس الذراع الأمريكية لاري هوشبرغ، وهو متبرع من شيكاغو ومدير سابق  لمنظمة إيباك وهو عضو في مجلس إدارة منظمة "أصدقاء جيش الدفاع الإسرائيلي" غير الربحية. ويرأسها ديفيد سيغل، دبلوماسي إسرائيلي سابق، وعضو سابق في أيباك، وضابط سابق في الجيش الإسرائيلي، ويضم مجلس إدارة إيلنت في الولايات المتحدة متبرعين قدموا أكثر من 170,000 دولارا لإيباك، ولجنتها السياسية "مشروع الديمقراطية المتحدة". وأحد أعضاء مجلس إدارتها، جيري روزنبرغ، عضو في نادي مينيان الخاص لكبار المتبرعين لإيباك وفقا لسيرته الذاتية على موقع إيلنت. كما أفادت وسائل إعلام أوروبية عن وجود عدد من المتبرعين لـ إيلنت الذين دعموا الرئيس دونالد ترامب.

ومن بين أبرز المتبرعين الأمريكيين لمنظمة "أصدقاء إيلنت" مؤسسة ويليام ديفيدسون، التي أسسها رجل الأعمال الذي تحمل اسمه وهو من ميشيغان، وقدمت 800,000 دولار أمريكي للمنظمة منذ عام 2022 وصندوق نيوتن وروتشيل بيكر الخيري، الذي أسسه الزوجان للعمل على "ضمان مستقبل الشعب اليهودي ودولة إسرائيل"، والذي قدم ما يقارب نصف مليون دولار أمريكي في عام 2023، ومؤسسة أوشن ستيت غوب لوت الخيرية، الذراع الخيرية لسلسلة متاجر التجزئة الرخيصة في شمال شرق الولايات المتحدة، والتي قدمت 445,000 دولار أمريكي في عام 2022. ولم يستجب ممثلو المؤسسات لطلبات التعليق.

ومن بين المتبرعين الرئيسيين الآخرين مؤسسة جوزيف وبيسي فاينبرغ، وهي المؤسسة العائلية لجوزيف فاينبرغ، عضو مجلس إدارة إيلنت في الولايات المتحدة والصندوق الوطني للأعمال الخيرية ومؤسسة ديان وغيلفورد غليزر، التي قدمت كل منها 675,000 دولار و560,000 دولار و430,000 دولار على التوالي منذ عام 2022. وقدمت الاتحادات اليهودية في بالم بيتش وميامي وشيكاغو وأتلانتا وسان فرانسيسكو 443,000 دولار منذ عام 2022.

ساعدت بقطع تمويل الأونروا
وساعدت هذه الأموال منظمة إيلنت على مواصلة جهودها في نقل طائرتين مسيرتين إلى الجيش الإسرائيلي وقطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، والدفع باتجاه إصدار قرار من الاتحاد الأوروبي يؤكد حق إسرائيل في الدفاع عن النفس ويدعو إلى القضاء على حركة حماس.

وقالت بويلان، رئيسة وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع فلسطين، لموقع "ذي إنترسبت" بأنها تشعر بالقلق إزاء الدور الذي يلعبه المانحون الأمريكيون في الضغط على الحكومات الأوروبية لدعم إسرائيل.
وقالت بويلان: "مع أنه ليس من المستغرب أن يضخ المانحون الأمريكيون ملايين الدولارات للتأثير على سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه إسرائيل، إلا أن هذا يظهر مدى انفصال المؤسسات الأوروبية عن واقع مواطنيها فيما يتعلق بالإبادة الجماعية في غزة".

أمريكيون يدعمون نظام الفصل العنصري
وقالت بيت ميلر من منظمة "صوت يهودي من أجل السلام": "مع تزايد رفض السياسيين الأمريكيين قبول الأموال من جماعات محرضة على الحرب مثل إيباك، يبدو أن المانحين الأمريكيين يرسلون المزيد من التبرعات إلى الخارج في محاولة لكسب الدعم للجيش الإسرائيلي في جميع أنحاء أوروبا". وأضافت: "من المخزي أن يلعب الكثيرون هنا في الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في نظام الفصل العنصري والإبادة الجماعية المستمرة ضد الفلسطينيين".

كما وجهت العديد من المؤسسات الأمريكية أموالًا إلى منظمة "أصدقاء إيلنت" عبر صناديق التبرعات الموصى بها، والتي تتيح للمتبرعين تقديم تبرعات معفاة من الضرائب من خلال وسيط، مع إمكانية إخفاء هويتهم. ولا يُسمح لصناديق التبرعات الموصى بها بالمساهمة في جهود الضغط السياسي، ولكن هناك العديد من الطرق للالتفاف على هذا الحظر، كما أوضحت بيلا ديفان، المديرة المساعدة لمبادرة إصلاح المؤسسات الخيرية في معهد الدراسات السياسية، وهو مركز أبحاث تقدمي. وقد حوَّل صندوق الإحسان الوطني والمؤسسة اليهودية في سان دييغو والمؤسسة اليهودية في أتلانتا أموالًا للشبكة عبر هذه الصناديق الموصى بها. ولم ترد إيلنت على طلبات التعليق من الموقع.

تنظيم نحو 300 رحلة لدولة الاحتلال
ويَتظاهر آلاف الأوروبيين أسبوعيًا للضغط على مسؤوليهم لوقف الإبادة الجماعية في غزة، حيث قالت بويلان: "يتم تجاهل مخاوفهم لصالح منظمات أُنشئت خصيصًا للدفاع عن إسرائيل بأي ثمن". وبدأت إيلنت بعد هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 بتنظيم عروض وثائقية عن الهجمات في البرلمانات الأوروبية، وأطلقت حملةً من شأنها أن ترفع من صورتها بشكلٍ سريع خلال العامين التاليين. وقد رتبت المجموعة لقاءات بين أعضائها وعائلات الأسرى الإسرائيليين، ونظمت رحلات لنحو 300 من صناع السياسات وقادة الرأي إلى إسرائيل، واحتفلت بما وصفته بنجاح تأثيرها على السياسة الأوروبية.

وكتبت المجموعة في نداء لجمع التبرعات في تشرين الأول/أكتوبر 2023 لدعم "بعثات التضامن الطارئة" إلى إسرائيل من دولٍ أوروبية، من بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا: "إن اصطفاف أوروبا مع الولايات المتحدة في دعم إسرائيل يعد إنجازًا تاريخيًا، ويعكس العمل الجوهري الذي تقوم به شبكة إيلنت" وأضافت: "تتمثل أولوية إيلنت في ضمان استمرار الدعم العسكري والدبلوماسي الأوروبي غير المسبوق لإسرائيل طوال فترة الحرب وحتى القضاء على حماس".

ومن نجاحاتها دفعُ الدول الأوروبية لتبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست لمعاداة السامية، ودفع الدول الأوروبية لقمع الجماعات المؤيدة لفلسطين، وتأمين صفقات أسلحة تاريخية بين إسرائيل وألمانيا. وتضم المجموعة شبكة واسعة من آلاف المسؤولين الأوروبيين والإسرائيليين، ولها فروع في أنحاء العالم، بما فيها بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، بالإضافة إلى مكاتب في وسط وشرق أوروبا والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. وفي حديثها مع موقع "ذي إنترسبت"، أعربت النائبة الأيرلندية بويلان عن قلقها إزاء جهود منظمة "إيلنت" لتوسيع علاقات صناعة الأسلحة الإسرائيلية مع الجيش الإسرائيلي.

أفراد في الجيش الإسرائيلي يحددون سياسة الاتحاد الأوروبي
وقالت بويلان: "من المقلق أيضًا أن يُسمح لمنظمة تجري 'حوارات استراتيجية' يرأسها أفراد شغلوا سابقًا مناصب قيادية في الجيش الإسرائيلي، بأن يكون لها أي دور في تحديد سياسة الاتحاد الأوروبي"، في إشارة إلى الرؤساء السابقين لمنتدى 'إيلنت' الذي ينظم 'حوارات استراتيجية رفيعة المستوى' بين أوروبا وإسرائيل. وأضافت أنها ستتابع الأمر مع المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، بشأن دعم الجهات المانحة الأمريكية لجهود 'إيلنت' في الترويج لسياسات مؤيدة لإسرائيل في أوروبا.

كما أثار النقاد والصحافيون تساؤلات حول حجم الأموال التي تلقتها الشبكة من الحكومة الإسرائيلية، التي سددت لها تكاليف فعالية ضغط أُقيمت الشهر الماضي في البرلمان الفرنسي، وفقًا لما ذكره موقع "ميديابارت" الفرنسي. وتجدر الإشارة إلى أن قيادة "إيلنت" وأعضاء مجلس إدارتها تربطهم علاقات بالحكومة الإسرائيلية، ومن بينهم اثنان من المستشارين السابقين لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
التعليقات (0)