سياسة دولية

واشنطن بوست: ترامب ارتكب أكبر خطأ استراتيجي بعدائه للهند

عرضت إدارة بوش صفقة نووية تاريخية أنهت عزلة الهند -جيتي
قالت صحيفة واشنطن بوست، إن عداء الرئيس دونالد ترامب المفاجئ وغير المبرر تجاه الهند يُغيّر السياسات المتبعة في خمس إدارات، بما في ذلك إدارته السابقة، محذرة إذا استمر هذا الموقف الجديد، فقد يكون أكبر خطأ استراتيجي ارتكبه في رئاسته حتى الآن.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه بعد انتهاء الحرب الباردة، بدأت الولايات المتحدة نهج تواصل متواصل مع الهند، وأتاحت زيارة الرئيس بيل كلينتون عام 2000 إمكانية بناء علاقة جديدة ودافئة، لكن التحول المحوري حدث في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، حيث أدركت إدارته أن صعود الصين يُحدث تحولاً في النظام الدولي، وأن الهند، ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم آنذاك، والتي بدأت تُصلح اقتصادها وتتكامل مع العالم، هي الثقل الموازن الأهم للصين.

وتابعت، أن العلاقة الوثيقة بين واشنطن ونيودلهي ستكون مفتاح منع الهيمنة الصينية على آسيا وضمان المصالح الأمريكية في المنطقة.

واعتبرت، أن برنامج الأسلحة النووية الهندي، عقبة كبيرة أمام هذه الشراكة, ولمنع الانتشار النووي، فرضت واشنطن عقوبات على الهند (وباكستان) لإجراء تجارب نووية، لكن إدارة بوش  قررت معاملة الهند كقوة عظمى ، على غرار فرنسا أو بريطانيا أو الصين.

وعرضت إدارة بوش صفقة نووية تاريخية أنهت عزلة الهند، وقد مثّلت هذه الاتفاقية، التي أدارها رئيس الوزراء مانموهان سينغ ببراعة من الجانب الهندي، نقطة تحول في العلاقات بين البلدين.


لاحقا, توطدت العلاقات بين واشنطن ونيودلهي على عدة أصعدة، فقد دعمت إدارة أوباما، التي رأت في الهند أهميةً لتوجه أمريكا نحو آسيا ، مساعي الهند للانضمام إلى عضوية مجلس الأمن الدولي، وعززت التبادل التجاري بين البلدين بشكل كبير.

أما إدارة ترامب الأولى، فقد عززت مكانة المجموعة الرباعية وهي مجموعة ذات توجه دفاعي تضم الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند وعززت مضمونها.

من جانبه، أبدى ترامب ارتياحه لعلاقته الشخصية برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ثم عزز الرئيس جو بايدن إرث ترامب، من خلال التعاون في مجالي الدفاع والاقتصاد.

وخططت الهند للتعاون مع الولايات المتحدة في تصنيع كل شيء، من الطائرات المقاتلة إلى رقائق الكمبيوتر ، وفي الربع الثاني من هذا العام، تجاوزت صادرات الهند من الهواتف الذكية إلى السوق الأمريكية صادرات الصين.


وفيما بعد، ألغى ترامب عقودا من العمل المضني الذي بذله الدبلوماسيون الأمريكيون، وضع الهند ضمن أعلى فئة من الرسوم الجمركية الأمريكية ، والمقررة الآن بنسبة 50%، إلى جانب سوريا وميانمار، بينما فرض ضريبة بنسبة 19% على باكستان (المتحالفة الآن بشكل وثيق مع الصين)، وأعلن عن جهود مشتركة، للتنقيب عن النفط هناك.

والتقى ترامب بقائد الجيش الباكستاني على انفراد، وكانت لشركة مدعومة من عائلة ترامب علاقات بمجلس العملات المشفرة الباكستاني، مما أثار الشكوك في إبرام صفقات سرية.

ووصف ترامب الاقتصاد الهندي بأنه " ميت ". في الواقع، لطالما كانت الهند ، ولعدة سنوات ، أسرع اقتصاد كبير نموًا في العالم، وهي الآن رابع أكبر اقتصاد، ومن المتوقع أن تتجاوز ألمانيا بحلول عام 2028 لتصبح ثالث أكبر اقتصاد بعد الولايات المتحدة والصين، وهي ثاني أكبر مستورد للأسلحة عالميًا، ولديها ثاني أكبر عدد من مستخدمي الهواتف الذكية.

وسعت الهند طويلا للبقاء على الحياد، لكن دبلوماسية واشنطن المستمرة وصعود الصين دفعاها تدريجيا لتوثيق علاقاتها مع أمريكا، مؤكدة أن هذا المسار لم يعد قائما بعد سياسات ترامب الجديدة.

وختمت الصحيفة "ويعتقد الهنود أن الولايات المتحدة قد كشفت عن حقيقتها، عدم موثوقيتها، واستعدادها لمعاملة أصدقائها بقسوة. ومن المفهوم أن يشعروا، لتأمين مصالحهم، بضرورة البقاء على مقربة من روسيا، بل وحتى التصالح مع الصين. فالبلاد متحدة في صدمتها وغضبها من سلوك ترامب المهين".