سياسة عربية

أسر بمصر تطالب بإنقاذ أبنائها من الموت بعد سنوات طويلة في الاعتقال

تكتظ سجون مصر بالمعتقلين وسط شكاوى الابتزاز المالي لذويهم.- أكس
طلب عدد من أهالي المعتقلين في مصر  بإيجاد حلول عاجلة لأزمة ذويهم المعقدة منذ 12 عاما، مناشدين لـ"إنقاذهم من الموت في كل لحظة بالسجون"، كاشفين عن "حجم معاناة لا يتحملها بشر"، وفق قولهم.

ثلاث رسائل شددت على المبادرتين اللتين طرحهما المعارض المصري أيمن نور والقيادي في جماعة الإخوان محمد عماد الدين صابر، ودعوتهما إلى الحوار مع رأس النظام المصري، والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين، والمطالبة بانفراجة في ملف الحريات.

بأي ثمن وبأي طريقة
وقالت زوجة وأم وحماة لثلاثة معتقلين منذ عامي 2013 و2015 (أب وابن وزوج ابنة) لـ"عربي21": "نحن نتمسك بأي كلمة تخفف آلامنا وتنهي معاناتنا، ومع أننا نعلم أنه نظام مجرم قتل وسرق ودمر؛ لكنا دفعنا فاتورة كبيرة، ومازلنا ندفع، ولا ندري حتى متى؟، ولذا يجب أن يتوقف هذا العقاب"، وتتسائل "ألم يكفيه 12 عاما من الانتقام والتنكيل؟".

وتوضح أنه "لا حديث لها ولجميع أسر المعتقلين خلال زيارات تقوم بها شهريا إلى سجن العاشر من رمضان، وسجن وادي النطرون، وسجن الزقازيق العمومي، إلا عن ضرورة نهاية أزمتهم، بأي ثمن، وبأي طريقة".

وتلمح إلى أن هذا "لا يعني خيانة لدماء من قُتلوا في أي ميدان كما يقول البعض، بل إنقاذ لأرواح 120 ألف إنسان ضاعت أعمارهم وتتعذب نفوسهم، وأكثر من مليون إنسان آخرين يمثلون فقط أقرب ذويهم وأغلبهم من النساء".

ابتزاز لم نعد نتحمله
وتوضح زوجة معتقل، أنا "مع أي طريقة تنتهي بخروج زوجي بعد 7 سنوات من الحبس عام 2018"، قائلة: "زوجي اعتقل في البداية بمركز احتجاز في غرفة 7 أمتار في 7 أمتار، وبها ما بين 45 و50 معتقلا، لكل منهم مساحة متر واحد فقط، يعيشون على الأرض ويتبادلون حماما غير آدمي".

وتضيف لـ"عربي21": "جرى ويجري ابتزازهم يوميا بفرض مبالغ مالية يتم دفعها مقابل كوب شاي من الورق يتم فرضه عليهم إجباريا يوميا مقابل 20 جنيه، إلى جانب دفع 80 جنيه لعسكري الحراسة الذي يقف على كل زنزانة، لقاء قضاء حوائجهم أو شراء مستلزمات وأدوية لهم".

وتواصل، "عند الزيارة أقوم بدفع مبلغ 10 جنيهات بشكل رسمي، ودفع مبلغ 150 جنيها مقابل إدخال (الطبلية) -دورها في إعداد الطعام الشهري لجميع المعتقلين مع زوجها في ذات الحجرة- ولنقل رسالة من معتقل يتم دفع مبلغ مماثل، ولأجل إدخال هاتف محمول من النظام القديم بدون إنترنت وكاميرا 5 آلاف جنيه، و50 ألف جنيه لقاء هاتف محمول حديث".

وتتابع: "لم أعد أحتمل نفقات الزيارة ولا سيارة خاصة كل أسبوع حتى مكان حبسه، ولا مصاريف العلاج ولا أموال الكانتين، حتى يتم تجديد الحمامات ودهان منطقة الحبس على حساب المعتقلين بفرض مبالغ مالية عليهم، ومن يرفض يتم عقابه بمنع الزيارة".


وتشير إلى أن "زوجي تعرض لأزمة في أسنانه وظل يعاني منها 3 شهور كاملة ورفضت إدارة المركز نقله إلى المستشفى الأميري ليراه طبيب أسنان ويخلع ضرسه، بحجة أن ذلك يستلزم تصريحا وضابطا يرافقه واثنين من العساكر معه، حتى نجح طبيب معتقل معه حل أزمته بعد إدخال أدوات بسيطة وأدوية".

استغاثة من شارون
ويؤكد والد معتقل مصري، على ضرورة تخليص أبنائهم "من الموت في السجون"، ليقص على "عربي21"، بعضا مما سمعه من نجله المعتقل عن معاناة المعتقلين، متحدثا بشكل خاص عما تعرض له معتقل شاب في مقر الأمن الوطني بمدينة الزقازيق، على يد عنصر الأمن الوطني السجان "شارون"، أثناء تعرضه للإختفاء القسري.

يوضح السبعني، الذي اعتقل نجله عام 2015، أن "ذلك الشاب جرى اعتقاله من مدينة بلبيس بتهمة الانضمام إلى تنظيم الدولة، وأنه وعشرات مثله تعرضوا للموت لأكثر من 3 شهور من الاختفاء القسري، بمقر أمن الدولة في الزقازيق".

ويبين أنه "تم وضعه في زنازين التعذيب مقيدا بسلاسل حديدية في يديه وقدميه مربوطا بهما إلى حائط، يظل واقفا دون جلوس لساعات، وعندما يتم فك قيده يتم تعليقه من ذراعية في (سبية حديدية) -سلسلة طويلة يستخدمها الجزارون لتعليق الذبائح فيها- معلقة في السقف، فلا تتحمل ذراعاه فيفقد وعيه".

ويشير إلى أنهم "كانوا يفكون قيده مدة 3 دقائق فقط يوميا، للتبول والتبرز بشكل غير آدمي، بينما لا يقدر على المشي أو رفع ذراعه، ولو تأخر عن تلك الدقائق يتم إخراجه بالقوة، وضربه ضربا مبرحا بالعصي، ويجري تقييده وتعليقه في السقف، ولا يصله يوميا إلا رغيف خبز حاف ناشف وبعض جرعات مياه".

ويؤكد أن "هناك من يطلقون عليه اسم شارون، وهو أحد عناصر الأمن الوطني المتخصصين في التعذيب بالكهرباء والضرب المبرح دون أن يترك أثرا بالجسد أو يحدث نزيفا".

وبين أنه "يقوم بوضع أجهزة التعذيب بالكهرباء في مناطقه الحساسة وتحت إبطه على درجات بين 40 و120 فولت، ولا يترك ضحيته إلا بعد أن يذهب عن الوعي، وذلك لانتزاع المعلومات والاعترافات، وأنه بعد الاعترافات يظل يقوم بنفس المهمة لعله يحصل على اعترافات أخرى، أو ليملي عليه اعترافات يقولها أمام النيابة".

ويحكي أنه "مع شدة التعذيب عندما كان يقول: (يارب)، كان يرد عليه شارون، قائلا: "خليه ينفعك أو يحوش عنك".


ويواصل الرجل روايته نقلا عن نجله المعتقل: "تم إخراج ذلك الشاب من الاختفاء القسري ونقله لمقر الأمن الوطني في مركز بلبيس لعمل محضر له كأنه تم القبض عليه في ذات اليوم، بتهم التحريض على قلب نظام الحكم والانضمام لجماعة إرهابية".

وأنه "رغم قوله أمام النيابة إنه جرى تعذيبه، لم يسمعه الوكيل، وتمت إحالته للمحكمة التي جددت له 10 مرات كل مرة مدة 15 يوما، ثم جرى التجديد له في غرفة المشورة 3 مرات كل مرة بـ45 يوما".

ويلفت إلى أنه "تم إيداعه السجن في عنبر المنتمين إلى تنظيم الدولة، ولكن المسجونين تحت هذا المسمى رفضوه لاحقا كونه لا يعتنق فكر التنظيم، حتى تم نقله إلى عنبر السياسيين والمنتمين لجماعة الإخوان المسلمين".

ويبين أنه "حتى اليوم يعاني من أمراض خطيرة أقلها إصابته بغضروف ظهره وقدمه وهو الآن لا يستطيع الوقوف على قديمه"، مؤكدا أنه ولذلك مع أي مبادرة تطالب بإنقاذ ابنه وكل المعتقلين السياسيين.