يواصل
الذهب ترسيخ
مكانته كأحد أهم الأصول الاستراتيجية, في محافظ البنوك المركزية حول العالم، بفضل خصائصه المرتبطة بالأمان والسيولة والعائد المستقر، حيث أشارت البيانات إلى أنّ: "البنوك
المركزية تستحوذ على ما يقرب من خمس إجمالي الذهب المستخرج عبر التاريخ، ما يجعلها
من أبرز اللاعبين في السوق العالمية".
وخلال السنوات الأخيرة،
برز المعدن الأصفر كخيار تحوّطي رئيسي في مواجهة التوترات الجيوسياسية وتقلبات الأسواق
المالية، ففي عام 2025، قفزت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية جديدة، متجاوزة حاجز
3,000 دولار للأونصة في أذار/ مارس الماضي، ومدفوعة بعمليات شراء مكثفة من جانب البنوك
المركزية، فضلاً عن تزايد إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة، في وقت يشهد الاقتصاد
العالمي ضبابية غير مسبوقة.
العرب في مشهد الذهب
العالمي
بحسب تقرير مجلس الذهب
العالمي، بلغ إجمالي احتياطيات الذهب لدى
الدول العربية حوالي 1,595 طنًا حتى نهاية
عام 2024، حيث تصدّرت
السعودية القائمة باحتياطيات بلغت 323.1 طن، ما يعادل نحو 4.9
بالمئة من إجمالي أصول البنك المركزي.
وجاءت
لبنان في المرتبة
الثانية، رغم أزماتها الاقتصادية العميقة، محتفظةً بنحو 286 طنًا من الذهب، بينما حلت
الجزائر ثالثة باحتياطيات بلغت 173 طنًا.
وإلى جانب السعودية
ولبنان والجزائر، تظهر البيانات أنّ: "دولاً عربية أخرى تحتفظ باحتياطيات معتبرة من المعدن
الأصفر، أبرزها العراق الذي يمتلك نحو 162.6 طنًا، وليبيا بـ 146.6 طنًا، تليها مصر
بـ 126.8 طنًا، ثم قطر التي تمتلك حوالي 110.8 طنًا، كما تحتل الكويت والإمارات والأردن
مراتب متوسطة باحتياطيات تراوحت بين 71 و79 طنًا".
أما في المراتب الأدنى،
فتأتي المغرب بـ 22.1 طنًا، وتونس بـ 6.8 طن، تليها عمان باحتياطيات تقارب 6.7 طن.
وتعد البحرين صاحبة المركز الأخير عربيًا، إذ لا تتجاوز احتياطياتها 4.6 طن فقط، وهو
رقم يعكس اعتمادها بشكل أكبر على أدوات مالية واستثمارات أخرى، بعيدًا عن الذهب كركيزة
للاحتياطي النقدي.
ويعكس هذا التوجّه تمسك
البنوك المركزية العربية بالذهب كوسيلة لضمان الاستقرار النقدي، وحماية اقتصاداتها
من تقلبات العملات الأجنبية والتوترات الجيوسياسية، ويهدف استمرار تراكم هذه
الاحتياطيات
إلى تعزيز الثقة في الأنظمة المصرفية المحلية، خصوصاً في ظل التحديات المالية التي
تواجه عدداً من دول المنطقة.
الذهب في قلب النظام
المالي العالمي
لا يقتصر دور الذهب
على كونه أصلاً استثمارياً فحسب، بل ينظر إليه أيضاً كأداة سياسية واقتصادية تعزز استقلالية
الدول، ومع تزايد التوترات الدولية وتراجع الثقة في بعض العملات، يبدو أن السباق نحو
الذهب سيظل قائماً، سواء من قبل الاقتصادات الكبرى أو الدول النامية.
وبينما يظل المستقبل
الاقتصادي العالمي غامضاً، يؤكد خبراء المال أنّ: "الذهب سيبقى الملاذ الأخير الذي لا يفقد بريقه، بل يزداد لمعاناً كلما اشتدّت الأزمات".