سياسة عربية

"هيومن رايتس" تدعو السعودية للإفراج عن 10 مصريين نوبيين معتقلين منذ 5 سنوات

هيومن رايتس: "استمرار احتجاز شخصيات ثقافية سلمية يفضح زيف الادعاءات السعودية بشأن الانفتاح الثقافي والإصلاح"..
طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات السعودية بالإفراج الفوري ودون شروط عن عشرة مصريين نوبيين تحتجزهم منذ أكثر من خمس سنوات، معتبرةً أن اعتقالهم "جاء على خلفية الترويج لتراثهم الثقافي لا أكثر"، في انتهاك واضح لحرية التعبير والتجمع السلمي.

وقالت المنظمة، في بيان رسمي اطلعت عليه "عربي21"، إن الرجال العشرة ـ وهم من وجهاء الجالية النوبية المصرية في الرياض ـ اعتُقلوا في يوليو/تموز 2020 عقب تنظيمهم فعالية ثقافية لإحياء ذكرى الجنود النوبيين الذين شاركوا في حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل، قبل أن تقوم الشرطة السعودية بإلغاء الفعالية واستجواب القائمين عليها بدعوى "وجود رسائل سياسية" وراء الحدث.

وأوضحت المنظمة أن السلطات السعودية احتجزت الرجال لأكثر من عام دون توجيه تهم رسمية أو محاكمة، قبل أن تُصدر المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، أحكامًا قاسية تراوحت بين 10 و18 عامًا. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، خُففت الأحكام بعد الاستئناف إلى سبع إلى تسع سنوات، لكنّهم ما زالوا رهن الاعتقال حتى الآن.

وقالت جوي شيا، الباحثة المختصة في الشأن السعودي لدى المنظمة، إن "السلطات السعودية تستثمر المليارات في استضافة فعاليات ترفيهية وثقافية كبرى، لكنها في الوقت ذاته تحتجز رجالاً نوبيين لمجرد احتفائهم بتراثهم"، مؤكدة أن "احتجازهم لا يمكن تفسيره إلا كعمل انتقامي ضد هويتهم الثقافية".

وأضافت شيا أن استمرار احتجازهم رغم تخفيف الأحكام "يؤكد أن موجة الإفراجات الأخيرة في السعودية لم تكن مؤشراً على تغيير جوهري في النهج القمعي للسلطات تجاه التعبير السلمي"، مطالبةً الرياض بإثبات التزامها المعلن بالإصلاح عبر الإفراج الفوري عن النوبيين العشرة.

وأشارت المنظمة إلى أن السلطات السعودية وجهت للرجال اتهامات "فضفاضة وغير عادلة" تشمل نشر شائعات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي، وتأسيس جمعية غير مرخصة، ودعم جماعة إرهابية، رغم أن الجمعية النوبية التي ينتمون إليها ـ "جمعية قرية دهميت" ـ مسجّلة رسميًا لدى القنصلية المصرية في الرياض، وتعمل على الحفاظ على اللغة والتراث النوبيين بعيدًا عن أي نشاط سياسي.

وبحسب أقارب المعتقلين، واجه الرجال صعوبات في توكيل محامين مستقلين، إذ أحجم العديد من المحامين عن قبول القضية خوفًا من تبعاتها السياسية، واضطر أحد الكفلاء السعوديين إلى التدخل لتعيين محامٍ قبل جلسة الحكم الأولى.

ووفق المنظمة، يسمح للسجناء بمكالمة هاتفية واحدة فقط كل أسبوعين، وعلمت عائلاتهم بتخفيف الأحكام في 11 سبتمبر/أيلول الماضي من خلال اتصالات قصيرة من ذويهم داخل السجن.

ويُعد النوبيون أقلية عرقية في مصر والسودان، لهم تاريخ طويل من التهجير القسري والتهميش، إذ لا تزال السلطات المصرية تمنع عودتهم إلى أراضيهم الأصلية على ضفاف النيل بعد تهجيرهم المتكرر منذ خمسينيات القرن الماضي.

وفي وقت سابق، كانت القنصلية المصرية في الرياض قد أصدرت بيانًا عام 2019 دعت فيه مواطنيها إلى "احترام قوانين المملكة"، مؤكدة أن تأسيس جمعيات لغير السعوديين غير قانوني، وهو ما اعتُبر حينها تمهيدًا لإغلاق الجمعيات الثقافية النوبية في المملكة.

واختتمت هيومن رايتس ووتش بيانها بالتأكيد على أن "استمرار احتجاز شخصيات ثقافية سلمية يفضح زيف الادعاءات السعودية بشأن الانفتاح الثقافي والإصلاح"، مشددة على أن الإفراج عن النوبيين العشرة سيكون اختبارًا حقيقيًا لمدى جدية السلطات في احترام الحريات الأساسية وحقوق الإنسان.