طب وصحة

ابتكار طبي يحيي الأمل.. شريحة إلكترونية جديدة تعيد البصر للمكفوفين

اختراق طبي جديد.. شريحة إلكترونية تعيد البصر جزئياً لمرضى العمى - cc0
كشف فريق من العلماء عن تقنية طبية مبتكرة تعرف باسم الشريحة الشبكية الكهروضوئية الدقيقة (PRIMA)، قادرة على استعادة البصر جزئيا لدى المصابين بـ"الضمور البقعي المرتبط بالعمر" (AMD)، أحد أكثر أسباب العمى انتشارا بين من تجاوزوا سن الخمسين، والذي لا يتوفر له حتى اليوم علاج نهائي.

وتقوم الزراعة — التي لا يتعدى حجمها 2 مليمتر — على مبدأ دمج التقنية البصرية والذكاء الاصطناعي، حيث تزرع خلف الشبكية وتعمل بالتكامل مع نظارات واقع معزز تبث صورا بالأشعة تحت الحمراء. تلتقط النظارات المشاهد أمام المريض وترسلها إلى الشريحة المزروعة، التي بدورها تحول الإشارات الضوئية إلى نبضات كهربائية يترجمها الدماغ إلى صور يمكن رؤيتها.

ويستفيد النظام من بقاء جزء من الخلايا البصرية عاملا لدى المصابين بـ"الضمور الجاف"، إذ يوظف العلماء هذه القدرة الطبيعية لتعزيز فعالية الزراعة وتحسين جودة الرؤية الناتجة.

ونشرت نتائج الدراسة في مجلة "New England Journal of Medicine"، وشملت 38 مريضا خضعوا للزرع في إطار تجربة سريرية مفتوحة ومتعددة المراكز، أجري خلالها تقييم دقة البصر باستخدام النظارات الخاصة بنظام "PRIMA" وبدونها بعد مرور 6 و12 شهرا من العملية.

وأظهرت النتائج أن 26 مريضا من أصل 32 ممن أكملوا عاما كاملا من المتابعة، أي بنسبة 81%، حققوا تحسنا ذا دلالة سريرية في حدة البصر مقارنة بالمستوى الأساسي قبل الزرع (فاصل الثقة 95% بين 64 و93؛ قيمة P<0.001).

وبعد تطبيق أسلوب الإسناد الإحصائي للمشاركين الذين لم تستكمل بياناتهم، قدر الباحثون أن 80% من جميع المرضى كانوا سيحققون تحسنا مشابها بعد 12 شهرا.

وأفاد التقرير بحدوث 26 أثرا جانبيا خطيرا لدى 19 مشاركا، منها 21 حالة (81%) ظهرت خلال الشهرين الأولين بعد الجراحة، اختفت 95% منها خلال شهرين من بدايتها، فيما بقيت الرؤية المحيطية للمشاركين مستقرة دون تراجع بعد الزرع.

ورغم أن الرؤية المستعادة كانت بالأبيض والأسود فقط، فإن الباحثين أكدوا أن الخطوة المقبلة ستركز على تطوير البرمجيات لتحسين التدرجات الرمادية والتعرف إلى الوجوه، ما قد يفتح المجال أمام رؤية أكثر دقة ووضوحا في المستقبل.

وأوضح الفريق أن الوصول إلى حدة بصر كاملة (20/20) لا يزال بعيد المنال، غير أن النتائج تمثل اختراقا علميا واعدا في مجال زراعات العين الذكية، وتفتح الباب أمام تطوير عيون بيونية ذاتية الطاقة قد تغير مستقبل علاج العمى.

وتعد هذه الدراسة، الممولة من شركة "Science Corporation" ومركز أبحاث الطب الحيوي التابع للمعهد الوطني لأبحاث الرعاية الصحية في مستشفى مورفيلدز البريطاني، أول تجربة واسعة النطاق تثبت فعالية هذا النوع من الزرعات في استعادة الرؤية المركزية لدى مرضى فقدوا الأمل في العلاج.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الضمور الجغرافي الناتج عن التنكس البقعي المرتبط بالعمر يعد السبب الرئيسي للعمى غير القابل للشفاء، ويصيب أكثر من 5 ملايين شخص حول العالم، مما يجعل من هذه التقنية خطوة فارقة نحو عصر جديد من طب العيون المعتمد على الذكاء الاصطناعي والتقنيات البصرية الدقيقة.