هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في جدل الخطاب والخطاب المضاد، لا يمكن ضبط المحتوى التواصلي، ويحدث لاعتبارات سياسية أو اثنية أو دينية أن يحمل بعض الخطابات مفردات تنسب إلى الكراهية، فتميز ضد أقليات عرقية أو دينية، أو تصف مجموعات بأوصاف مكروهة، وربما يتشكل الخطاب كله من مضمون ليس فيه إلا الكراهية، فيثار تساؤل عريض حول توصيف هذا الخطاب، ومن ثمة شكل التعاطي معه.
يقدّم كتاب شلومو ساند "اختراع الشعب اليهودي" قراءة نقدية جذريّة للتاريخ اليهودي، مستكشفًا جذور فكرة "الشعب اليهودي" وما ارتبط بها من أسطورة قومية مزيفة صاغتها النخب الأوروبية في القرن التاسع عشر. عبر تحليل لخطاب نتنياهو وتصريحاته حول "مهمة الأجيال" ورؤيته لـ"إسرائيل الكبرى"، يكشف ساند كيف تم تحويل الدين والتقاليد إلى أدوات لتثبيت هوية قومية زائفة، وتحويل اليهودية من حضارة دينية وثقافية متنوّعة إلى مشروع سياسي يمتدّ من النيل إلى الفرات، ما يستدعي وقفة نقدية عربية وفكرية لفهم أبعاد هذا الاختراع التاريخي والسياسي.
ما الذي يدفع الأشخاص العاديين للانخراط في الأعمال العنفية؟ وما الذي يجعلهم ينظرون إلى هذه الأعمال المتطرفة باعتبارها سلوكا مقبولا، بل ضروريا وبطوليا؟ يحاجج المشاركون في هذا الكتاب بأن "سرديات انعدام الأمن" التي يُروّج لها البعض ويصدقها الكثيرون تدفع بقوة، وسهولة أيضا، في غالب الأحيان إلى تبني منهجا عنيفا، سواء من قبل الأنظمة أو الجماعات أو الأفراد، قد يصل إلى ارتكاب الإبادة، خاصة إذا رُوجت هذه السرديات على أساس الهوية. ويشير عبد الوهاب الأفندي، أستاذ العلوم السياسية، في مقدمة الكتاب إلى أن الشعور بانعدام الأمان قد يكون حقيقيا وقد يكون مفتعلا، وهنا تأتي أهمية السرديات التي تؤطر هذا الخوف أو تخلقه. إذ "تجعل من العادي جريمة أو خطرا، ومحض الهوية المخالفة جريرة".
يقدّم كتاب "جاك دريدا آخر اليهود" قراءة معمّقة في فكر أحد أبرز مفكري القرن العشرين، الذي شكّل التفكيك منهجًا فلسفيًا وأداة نقدية للفكر التقليدي. من خلال استكشاف علاقة دريدا باليهودية، نكتشف صراعًا مستمرًا بين الهوية والانتماء والعدالة، بين الموروث الثقافي والانفتاح على الآخر.
تقف دير البلح، المدينة الأصغر والأقل سكاناً في قطاع غزة، كرمز حي لتاريخ فلسطيني عريق يمتد منذ العصور البرونزية وحتى العصر الحديث، مدينة تشهد على تمازج حضارات متعددة وأحداث نضالية متواصلة، لكنها اليوم تواجه تحديات كبرى مع الحرب الإسرائيلية التي تهدد وجودها وتراثها، حيث تتحول من ملاذ للنازحين إلى ساحة صراع من أجل البقاء، متشابكة بين معاناة اللجوء، تدمير التراث، وتهديد مباشر للمساحات الزراعية التي كانت دوماً نبض حياة أهلها.
يصادر كل من رائد محمد نجم وهاني رمضان طالب وأماني سامي الفليت على أنّ إسهام قطاع غزة في الحركة الوطنية الفلسطينية كان نوعيا. فبواكير مواجهة الكيان الصهيوني انطلقت منه بعد أشهر قليلة من النكبة ثم تحولت إلى عمليات مقاومة منظمة في الخمسينيات بعض ظهور كيانات سياسية أخذت على عاتقها تحقيق التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني للحرية ولبناء دولته المستقلة. وكان لتغير تركيبته الديمغرافية دور في ذلك. فقد لجأ إليه نحو 200 ألف فلسطيني، وبنيت فيه ثمانية مخيمات.
في خضم التحوّلات السياسية والاجتماعية التي عرفتها تونس منذ الثورة، تبرز التكنوميديا بوصفها قوة رمزية جديدة تعيد تشكيل العلاقة بين المواطن والإعلام والسياسة، لا من موقع الدعم، بل من موقع إعادة التكوين. كتاب الدكتور الصادق الحمامي "التكنوميديا والرأي العام والسياسة في تونس" الصادر سنة 2025 عن دار نيرفانا، يقدّم قراءة معمّقة لهذه التحوّلات، من خلال أطروحة جريئة تفترض أن الفضاء العمومي التونسي لم يعد محكوماً بمنطق الانتقال الديمقراطي، بل دخل مرحلة من "الاضطراب الاتصالي" يُهيمِن فيها الانفعال، وتنهار فيها وسائط الوساطة التقليدية، وتتسارع خلالها ديناميكيات التفكك الرمزي. هذا النصّ يحاول مساءلة هذا العمل الأكاديمي الرصين، والوقوف عند مكامن قوّته ومواطن قصوره، في محاولة لفهم كيف تحوّلت التكنوميديا من أداة للتحرّر إلى بنية تُعيد إنتاج الهشاشة والانقسام في المشهد التونسي.
تتعرض حقوق الانسان لانتهاكات خطيرة في أوقات السلم والحرب، فمجالات حقوق الإنسان متشعبة على المستوى السياسي والاجتماعي والحضاري على المستوى الفردي والجماعي، منها المتعلق بالمبادئ والأطر الفكرية والعملية التي تحمي حياة الفرد وتصون كرامته، فأهمية القانون تكمن في حماية الحريات للأفراد من خلال التوفيق بين تضارب المصالح والحقوق والحريات، ويتكامل القانون مع التربية في التأسيس لقواعد ونظم تحمي حقوق الإنسان، وتحذر من المساس بها.
أصدر مركز الزيتونة للدراسات ورقة علمية بعنوان "التجويع والمساعدات كسلاح حرب: دراسة حالة غزة في ضوء القانون الدولي الإنساني"، أعدّها الباحث ثامر سباعنه، تناولت السياسات الإسرائيلية الممنهجة التي استخدمت الجوع والمساعدات كأدوات حرب ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، وبيّنت أن ما يتعرض له القطاع منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 لا يُعدّ فقط كارثة إنسانية، بل جريمة حرب مكتملة الأركان، إذ تمّ استخدام الحصار والتجويع كوسيلة للإخضاع الجماعي، وسط دعم سياسي داخلي في "إسرائيل" وتواطؤ دولي مكشوف، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني ولقيم العدالة الإنسانية.
استطاعت المعارضة الأموية من تحريك الموالي ضد السلطة في أحيان كثيرة، وذلك من خلال رفع بعض الشعارات التي تتعلق بالمساواة والعدالة الاجتماعية، حيث أثارت الموالي الذين وقعوا تحت حتميات الازدراء العربي لهم، وأثارت العبيد والرقيق بدعوى اعطائهم حريتهم عندما ينضمون لطرف على حساب طرف اخر، لذا بات الموالي وقوداً لغالبية الحركات ضد السلطة في العصر الأموي، على أن ذلك لا يعني خضوع جميع الموالي لذلك المنطق، لأن موالي القبائل المتحالفة مع السلطة حاربت مع اسيادها ضد الحركات والثورات بحكم الولاء.
مع انتشار الاسلام بواسطة الفتوحات، تشكلت "طبقة" الموالي، الذين كانوا مسلمين أحراراً، أرادوا أن يحتلوا موقعاً مهماً في الخارطة الاجتماعية. ولما كان المجتمع العربي في العصر الأموي تسيطر عليه الارستقراطية القبلية، وأنواع من السلوك الأرستقراطي، فقد كان الموالي يعتبرون، ويعاملون في مرتبة دنيا على مستوى العلاقات الاجتماعية.
في كتابه الجديد "النزعة العربية وأثرها على الموالي في عصري صدر الإسلام والدولة الأموية"، يقدّم الدكتور جوتيار تمر قراءة تاريخية نقدية جريئة لبنية المجتمع العربي في لحظة تحوّله من جماعات قبلية متناثرة إلى إمبراطورية مترامية الأطراف تحت راية الإسلام، موضحاً كيف ظلَّ الموروث القبلي والعصبية العربية يتحكمان في مسار السلطة والاندماج الاجتماعي، حتى بعد الرسالة التي دعت إلى المساواة والأخوة، إذ يكشف الكاتب عن آليات اشتغال النزعة القومية العربية في سياق ديني توسعي، ويعيد تفكيك العلاقة المعقدة بين العرب والموالي، مظهراً كيف تم توظيف الإسلام ـ لا نفيه ـ في تثبيت مركزية العرب وتفوقهم على "الأعاجم" داخل الكيان السياسي الجديد، مما يجعل الكتاب إسهاماً معرفياً لافتاً في فهم جذور التوتر القومي والمذهبي في تاريخنا الإسلامي المبكر.
مما لا شك فيه أن تحديد البصمة الوراثية للشخص، وتمييزه عن غيره، وربطه بنسبه على جهة اليقين والقطع، فتح باب استخدام البصمة الوراثية على مصراعيه على المستوى القضائي، وما يتعلق به من قضايا الأحوال الشخصية، كتحديد الأب الحقيقي للشخص، حيث تتضح صلة الولادة بين الأب وابنه في حالات الاختلاف فيها، مما يحقق مقصد الشارع في حفظ الأنساب، لما في اختلاط الأنساب من مفاسد كبيرة كضياع حق الأبن، وتهرب الأب من المسئولية تجاه أبنائه".
أصدر مركز الزيتونة للدراسات ترجمة مكثفة لدراسة إسرائيلية نقدية أعدّها البرلماني السابق عوفر شيلح، تناولت بعمق الإشكاليات البنيوية في وزارة الدفاع الإسرائيلية، وكشفت عن أزمة واضحة في توزيع الصلاحيات وفعالية الرقابة المدنية، وذلك في ضوء الفشل الذي برز عقب أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما يسلّط الضوء على هشاشة القيادة الأمنية في واحدة من أكثر مؤسسات الاحتلال حساسية وتأثيرًا.
في كتابه التحليلي الجريء "قيس سعيّد: هل أخبرنا بكل شيء؟"، يخوض الدكتور عبد السلام الزبيدي رحلة فكرية لفهم رئيسٍ لا يُمارس السياسة بوصفها فنّ الحكم، بل كفنّ القول، حيث تتحوّل اللغة إلى أداة سلطة، والتأويل إلى مؤسسة بديلة، والخطاب الطهراني إلى برنامج ضمني لحكم يُقصي الأحزاب، ويُعلّق المؤسسات، ويحتكر تمثيل الإرادة الشعبية تحت لافتة "الرسالة" لا "البرنامج"، في مشهد يثير أسئلة جوهرية حول مصير الديمقراطية حين تُختزل الدولة في خطاب، والشعب في صوت، والدستور في نية المتكلم.
ثمة خلاصات عامة يبدو أنها تستتبع من هذا الانحسار في الأرثوذكسية الجمهورية الحتمية على امتداد ثلاثين عاما. ففي المقام الأول من البديهي للغاية ولكن ما له أهمية بالغة أن النظام الملكي جزء مهم ومن الجائز تماما أن يبقى جزءاً مهماً من السياسة في العالم العربي.