أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات
دراسة علمية جديدة بعنوان:
"تأثير طوفان الأقصى على توجهات النخبة الفكرية السياسية الأمريكية".
الدراسة، التي أعدها الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، ترصد أثر الحدث الأخير في
فلسطين على الفكر السياسي الأمريكي، خاصة بين النخب التي تشكل الرأي العام
والمؤسسات الثقافية والسياسية في الولايات المتحدة.
وأوضحت الدراسة أن طوفان الأقصى شكّل نقطة تحول هامة، إذ أحدث شرخًا
في صورة إسرائيل لدى النخبة الفكرية الأمريكية، مؤثرًا على سلوكياتها السياسية
ونظرتها للقضية الفلسطينية. وأشارت إلى تقرير لمجلس الشؤون الخارجية الأمريكي،
الذي بين أن معظم المؤسسات الأكاديمية والثقافية والإعلامية الأمريكية الكبرى،
وكذلك جزء من هوليوود ومجموعة من الفنانين والمثقفين، أبدت مواقف معادية لإسرائيل
بعد السابع من أكتوبر.
كما سلطت الدراسة الضوء على الأبعاد الإنسانية لحرب الإبادة الأخيرة،
التي خلّفت نتائج مأساوية على المدنيين الفلسطينيين وأدت إلى تغيّر واضح في
السردية الدولية حول القضية الفلسطينية. هذا التحول تجسّد ليس فقط في المظاهرات
المليونية في العواصم الغربية، ومن بينها واشنطن ونيويورك، بل وأيضًا في الاعتراف
الدولي والغربي بالدولة الفلسطينية، مما يعكس تغير المزاج العالمي نحو دعم حقوق
الفلسطينيين وشرعية قضيتهم.
وأشارت الدراسة أيضًا إلى تحول إسرائيل من موقع المظلومية التاريخية
إلى موقع المجرم المتابع في المحاكم الدولية، بعد الانتهاكات التي رُصِدت خلال
الصراع الأخير، وهو ما يعكس تغيرًا في الصورة الدولية لإسرائيل ويضعها تحت مزيد من
الرقابة القانونية والسياسية.
من جهة أخرى، ربطت الدراسة بين هذا التحول وتصويت الولايات المتحدة
في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، حيث تباينت مواقف الدول تجاه
إسرائيل، ما أثار مخاوف داخل النخبة الأمريكية بشأن مصداقية القيم السياسية
الأمريكية على الصعيد الدولي.
ورأى د. عبد الحي أن هذا الشرخ يعكس قابلية المنظور البراغماتي
الأمريكي للاستثمار، بحيث أن الأعباء السياسية والاقتصادية على المجتمع والمؤسسات
الأمريكية نتيجة السياسات الإسرائيلية يمكن أن تدفع الولايات المتحدة إلى مراجعة
توجهاتها الإقليمية على المدى المتوسط والبعيد.
وأكدت الدراسة على أهمية استثمار هذه التحولات من قبل الطرف
الفلسطيني والعربي، مع مراعاة أن عملية استثمار هذا الشرخ تحتاج إلى وقت كافٍ
لتتبلور القوى القادرة على تطويره. كما شددت على ضرورة التعامل مع التحولات في
الإدراك النخبوي الأمريكي بموضوعية ودون مبالغة أو استهانة، لفهم دقيق للفرص
والتحديات في هذا السياق.
ختامًا، تأتي هذه الدراسة لتسلط الضوء على الدور المتغير للنخبة
الفكرية الأمريكية في رسم السياسة الخارجية لبلادها، مع إبراز الأبعاد الإنسانية
والقانونية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتأثير ذلك على الرأي العام الدولي
والغربي، والتداعيات المباشرة على مستقبل القضية الفلسطينية.