قضايا وآراء

فيلم "الست".. هجوم ما قبل العرض

هشام عبد الحميد
"تجسيد شخصية أيقونية تاريخية لا مناص فيه من قدر معقول من التطابق الشكلي"
"تجسيد شخصية أيقونية تاريخية لا مناص فيه من قدر معقول من التطابق الشكلي"
شارك الخبر
شنّت مواقع التواصل الاجتماعي هجوما شرسا على فيلم أم كلثوم، الذي اضطلعت ببطولته منى زكي، لمجرّد ظهور المقطع الترويجي (التريلر) الخاص بالفيلم، والذي لا يتجاوز دقائق معدودات.

وقد انقسمت الآراء إلى قسمين:

القسم الأكبر كان مهاجما بشراسة، والقسم الثاني -وهو الأقل - دافع عن فيلم "الست"، ودعا الفريق الأول إلى مشاهدة العمل كاملا قبل إصدار الأحكام. كما ذهب هذا الفريق إلى أن الممثل ليس بالضرورة أن يتطابق شكله الفيزيقي مع الشخصية، وأن الأهم هو تجسيد روحها. وكان هذا أحد أهم خطوط الدفاع عن الفيلم.

وإذا جاز لي التعليق على ما سبق، وأنا لم أشاهد الفيلم حتى الآن، فلا يليق بي تقييمه سلبا أو إيجابا، غير أنّ ما استوقفني فعلا هو صورة منى زكي في تجسيد أم كلثوم في مرحلتها الأخيرة؛ والحقيقة أن هذه الصورة كانت، في رأيي، أكبر دعاية سلبية للفيلم.

ما استفز الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فتلك الصورة لا تمتّ لأم كلثوم لا روحا ولا شكلا، كما أن تبريرات صُنّاع الفيلم ومن يدور في فلكهم جاءت أقبح من الصورة ذاتها

وبرأيي، هذا ما استفز الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي؛ فتلك الصورة لا تمتّ لأم كلثوم لا روحا ولا شكلا، كما أن تبريرات صُنّاع الفيلم ومن يدور في فلكهم جاءت أقبح من الصورة ذاتها.

أما مسألة الفصل بين شكل الشخصية وروحها، فهي في النهاية مجرد سفسطة فارغة، و"حق يُراد به باطل"، ونوع من التبرير القبيح. فتجسيد شخصية أيقونية تاريخية لا مناص فيه من قدر معقول من التطابق الشكلي، بالتوازي مع تقديم روح الشخصية، وهو أمر يختلف تماما عن التقليد الفارغ من أي عمق أو جمال فني.

ولكي نقترب أكثر مما نعنيه، يمكننا أن نستحضر أفلاما مثل "نيكسون" لأنتوني هوبكنز، وأعمال تاتشر وتشرشل التي جسدها غاري أولدمان. ويحضُرني هنا ما فعله غاري أولدمان لإنقاذ شخصية تشرشل؛ فبعد أكثر من بروفة مكياج لم يقتنع، وطرح سؤاله الجوهري: من هو أفضل خبير مكياج في العالم لتجسيد شخصيات تاريخية شهيرة؟

قيل له إن هناك خبير مكياج يابانيا واحدا، وقد اعتزل المهنة، إضافة إلى كونه باهظ التكلفة. سافر أولدمان إلى اليابان والتقاه، وأقنعه -بعد جهد جهيد- بالعدول عن قراره خصيصا لهذا العمل، بل وتنازل عن جزء كبير من أجره حتى تتمكن جهة الإنتاج من تلبية مطالب خبير المكياج. وكانت النتيجة تألق غاري أولدمان في الدور، وحصوله على جائزة الأوسكار.

هكذا تكون الجِدّة والجدّية في العمل. فقد كان بوسع أولدمان أن يجنح إلى ما هو مستقر، وأن يستسلم لمكياج ضعيف، وأن يكتفي بأجره الكبير، لكنه في المقابل كان سيخسر الكثير.

وهذا، في تقديري، هو ما فعله صُنّاع فيلم أم كلثوم، ثم راحوا يسوقون مبررات عديدة لتمرير هذه الصورة الفوتوغرافية القبيحة لمنى زكي بمكياج أم كلثوم، والتي أتمنى -حقا- أن تكون مجرد خطأ دعائي. وإلى أن نرى الفيلم، أرجو أن تخيب توقعاتي.
التعليقات (0)