ملفات وتقارير

ترامب يهدد واشنطن بقانون يعود إلى قرن من الزمان... ماذا نعرف عن حالة الطوارئ الوطنية؟

القانون بدأ العمل به في عام 1917 خلال الحرب العالمية الأولى- sora ai
يسلط إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حالة الطوارئ الوطنية في العاصمة واشنطن، الضوء على الإجراء الذي جرى العمل به بصورة واضحة مع بدايات القرن العشرين، في ظروف استثنائية بالبلاد.

وجاء إعلان ترامب بعد أن أبلغت رئيسة بلدية المدينة موريل باوزر الحكومة الاتحادية بأن شرطة العاصمة لن تتعاون مع إدارة الهجرة والجمارك، بشأن المعلومات المتعلقة بالأفراد الذين يعيشون في الولايات المتحدة أو يدخلونها بطريقة غير مشروعة.

ما هي حالة الطوارئ الوطنية؟
الطوارئ الوطنية وفقا للقانون المنظم لها، هي مجموعة واسعة من الإجراءات والسلطات القانونية، والتي تصل إلى نحو 137، تمنح الرئيس صلاحيات استثنائية، من أجل معالجة ظرف ما أو التعامل معه بطريقة لا يمكن أداؤها في الظروف الطبيعية.

ومن الصلاحيات الخاصة، التي تمنح للرئيس في حالة الطوارئ الوطنية، السيطرة على الممتلكات، ونشر القوات العسكرية خارج البلاد، وإنشاء الأحكام العرفية، والسيطرة على وسائل النقل والاتصالات، وتقييد السفر.

متى ظهر قانون الطوارئ؟

منذ تأسيس الولايات المتحدة وحتى الحرب العالمية الأولى، كان الرؤساء يستخدمون صلاحيات الطوارئ وفق تقديراتهم، دون إعلان رسمي لحالة طوارئ، حيث أصدر جورج واشنطن عام 1794 إعلانا لنشر المليشيات لقمع "تمرد الويسكي".

كما أعلن أبراهام لنكولن في نيسان/أبريل 1861 فرض حصار على الولايات المنفصلة.


أول رئيس أعلن رسميا حالة طوارئ كان وودرو ويلسون، في 5 شباط/فبراير 1917، أي قبل دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى بشهور، إذ أعلن أن هناك حالة طوارئ وطنية ناتجة عن نقص في الحمولة البحرية، ودعا البلاد إلى تداركها، واستمر هذا الإعلان حتى عام 1921، حين أنهت الحكومة الأمريكية العمل به مع تدابير الحرب الأخرى.

أما فرانكلين روزفلت، فأعلن في 6 آذار/مارس 1933، بعد يومين فقط من توليه منصبه وفي خضم الكساد الكبير، حالة طوارئ بسبب سحب الأموال بكثافة والمضاربة المالية، وأمر بإغلاق البنوك حتى 9 مارس. وبعد تمديد "العطلة المصرفية"، أقر بسرعة "قانون الطوارئ المصرفية"، ثم أصدر أمرا تنفيذيا في 10 مارس سمح للبنوك بإعادة الفتح بعد استيفاء شروط معينة.

كما أصدر روزفلت إعلانين آخرين للطوارئ في سبتمبر 1939 ومايو 1941، بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية وقبل دخول الولايات المتحدة فيها. وقد ألغيت تلك الإعلانات بعد انتهاء الحرب، بخلاف حالة الطوارئ التي أعلنها هاري ترومان خلال الحرب الكورية.

الكونغرس في مواجهة القانون

ظل إعلان ترومان في كانون أول/ديسمبر 1950 ساريا حتى سبعينيات القرن الماضي، واستخدم لتبرير صلاحيات مرتبطة بحرب فيتنام دون العودة إلى الكونغرس.

وفي تلك الحقبة، دفعت تجاوزات السلطة التنفيذية الكونغرس إلى فتح تحقيقات أفضت إلى قانون جديد أنهى إعلان ترومان ووضع قواعد لإعلانات الطوارئ الرئاسية.

وتكشفت في تلك الفترة، ممارسات عديدة تورط بها رؤساء، ناتجة عن حالة الطوارئ، ومنها قصف كمبوديا، وفضيحة ووتر غيت، وبرنامج التجسس كونتلبرو.

وقد خلصت لجنة خاصة في مجلس الشيوخ عام 1973 إلى أن هناك أربع حالات طوارئ قديمة ما تزال سارية: واحدة لترومان، اثنتان لريتشارد نيكسون، وواحدة لروزفلت تعود لعام 1933. ونتيجة لذلك، أقر الكونغرس قانون الطوارئ الوطنية عام 1976، الذي أنهى تلك الحالات الأربع، ووضع آلية جديدة لإعلان الطوارئ.

وبموجب القانون، على الرئيس أن يجدد حالة الطوارئ كل عام كي تستمر.

و تعيش الولايات المتحدة في حالة طوارئ دائمة منذ تشرين ثاني/نوفمبر 1979، عندما رد الرئيس جيمي كارتر على أزمة الرهائن في إيران بإصدار أمر تنفيذي أعلن فيه حالة طوارئ وطنية وفرض حجزا على ممتلكات الحكومة الإيرانية.


ورغم أن إيران أفرجت عن الرهائن يوم تنصيب رونالد ريغان عام 1981، إلا أن ريغان كان يجدد إعلان كارتر كل عام طوال فترة رئاسته، ومنذ ذلك الوقت، واصل كل رئيس أمريكي تجديد حالة الطوارئ الخاصة بعام 1979، إلى جانب إعلانه العديد من حالات الطوارئ الأخرى.

عشرات حالات الطوارئ

وحتى حزيران/يونيو 2025، كان الرؤساء الأمريكيون، أعلنوا عن 9 حالة طوارئ وطنية ومنها 52 حالة طوارئ لا تزال سارية المفعول حتى اليوم.

ووفقا لإحصاءات الكونغرس، فمنذ عام 1990 أصبح متوسط حالة الطوارئ الواحدة يقارب 9 سنوات، والأغلب منها كان موجها لدول بينها وبين الولايات المتحدة حالة عداوة.

لكن في العقود الأخيرة، تحولت بعض إعلانات حالات الطوارئ الوطنية، إلى استهداف أمور لا تتعلق بالجغرافيا مثل "الإرهاب العالمي" كما تطلق عليه الولايات المتحدة، أو الأنشطة السيبرانية الخبيثة، فضلا عن الهجرة غير القانوية.