قضايا وآراء

هجمة مرتدة.. نتنياهو يفشل في ركوب موجة الإرهاب في حادثة سيدني

حمزة زوبع
"قام المسلم أحمد الأحمد بعملية إنقاذ جريئة دون أن يبحث في أسباب ودوافع الجاني لتلك العملية"
"قام المسلم أحمد الأحمد بعملية إنقاذ جريئة دون أن يبحث في أسباب ودوافع الجاني لتلك العملية"
شارك الخبر
"دعوتك إلى إقامة دولة فلسطينية تصب الزيت على نار معاداة السامية. لقد تركت المرض يتفشى والنتيجة هي الهجمات المروعة على اليهود التي رأيناها في شوارعكم" (رئيس وزراء الكيان الصهيوني مجرم الحرب بنيامين نتنياهو، موجها حديثه إلى رئيس وزراء أستراليا تعليقا على حادث إطلاق النار الذي وقع في أستراليا مؤخرا).

"هذه هي نتائج موجة العنف المعادي للسامية التي اجتاحت شوارع أستراليا خلال العامين الماضيين والتي تجسدت اليوم في الدعوات المعادية للسامية والتحريضية لعولمة الانتفاضة. يجب على الحكومة الأسترالية التي تلقت تحذيرات لا حصر لها أن تستفيق من غفلتها" (وزير خارجية الكيان الصهيوني جدعون ساعر تعليقا على حادثة أستراليا).

"الحرب على الإخوان المسلمين كما هي الحرب على الإرهاب، بحاجة إلى تحالف دولي من 192 دولة في العالم بقيادة أمريكا" (عبد الخالق عبد الله- كاتب وأكاديمي إماراتي مقرب من محمد بن زايد).

في حديقة قريبة من شاطئ شهير في سيدني بأستراليا قام رجل وابنه بإطلاق النار على مجموعة من اليهود المجتمعين لإحياء عيد "الحانوكاه"، وهو مناسبة دينية عند اليهود، ونتج عن الحادث مقتل خمسة عشر فردا إضافة إلى أحد الجناة، بينما أصيب ابنه ونقل إلى المستشفى للعلاج؛ ما لم يتم التركيز عليه وقت وقوع الحادث مباشرة هو أن شخصا عربيا مسلما اسمه أحمد الأحمد تطوع بالهجوم على أحد القاتلين وأخذ منه بندقيته لينقذ أرواح الآخرين، ولا أحد يدري كم كان عدد المستهدفين على وجه الدقة وإن كانت الأخبار تتحدث عن العشرات من اليهود.

الرجل المسلم السوري لم يناقش الأسباب أو يمنح القاتل مبررات، وانطلق كالسهم كما رأينا في مشاهد الفيديو لكي يوقف عملية قتل غير مبررة ولو كان الضحايا يهودا أو مسيحيين

قام المسلم أحمد الأحمد بعملية إنقاذ جريئة دون أن يبحث في أسباب ودوافع الجاني لتلك العملية، وهذا هو موضع البحث رغم كل المعاناة التي يعانيها المسلمون والعرب والفلسطينيون في غزة من بطش وإجرام الصهاينة في فلسطين، إلا أن هذا الرجل المسلم السوري لم يناقش الأسباب أو يمنح القاتل مبررات، وانطلق كالسهم كما رأينا في مشاهد الفيديو لكي يوقف عملية قتل غير مبررة ولو كان الضحايا يهودا أو مسيحيين.

أدرك الأحمد بفطرته أن قتل نفس بريئة بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا، فتقدم ومنع هجمة مرتدة كان مجرم الحرب نتنياهو قد أعد لها العدة مبكرا فور سماعه بوقوع الحادثة، إذ أطلق تصريحين؛ أحدهما سياسي يندد فيه ليس بقتل اليهود ولكن بسماح أستراليا بالمظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني والمنددة بالإبادة الجماعية، إضافة إلى اعتراف أستراليا بدولة فلسطين. وهذا ليس كل ما في الأمر؛ لأن نتنياهو أراد شيئا أبعد من ذلك، وهو تحويل الموجة المساندة لفلسطين والمناوئة لجرائم حرب دولة الكيان إلى مسار آخر بادعائه كذبا أن الذي أوقف الجاني عن إكمال جريمته هو شخص يهودي.

حاول نتنياهو ركوب موجة الحادث لإحياء مرثية المظلومية والمعاناة، رغم أن العالم كله يشهد بإجرام الجيش الصهيوني في فلسطين ولبنان وحتى سوريا التي قام الجيش الصهيوني بالغارة على أراضيها أكثر من ألف مرة، وحاول مجرم الحرب نتنياهو تقديم نفسه وشعبه على أنهم أبطال حقيقيون وأنهم هم من أوقفوا الجريمة، ولكنه وتحت ضغط ظهور الحقيقة عاد عن تصريحه الأول، وأشاد بالبطل السوري وبشجاعته بعد أن تبيّن له أنه قد افترى فرية عظيمة تستوجب الاعتذار ليس لمحمد الأحمد ولكن لكل مسلمي العالم.

حاول نتنياهو ركوب موجة الحادث لإحياء مرثية المظلومية والمعاناة، رغم أن العالم كله يشهد بإجرام الجيش الصهيوني في فلسطين ولبنان وحتى سوريا التي قام الجيش الصهيوني بالغارة على أراضيها أكثر من ألف مرة، وحاول مجرم الحرب نتنياهو تقديم نفسه وشعبه على أنهم أبطال حقيقيون وأنهم هم من أوقفوا الجريمة

فور وقوع الحادث تحرك وزير الخارجية الصهيوني بحثا عن مكسب بعيدا عن الضحايا، فالمطلوب على مستوى الكيان هو وقف الرفض العالمي الشعبي المتنامي لتصرفات حكومة الحرب الصهيونية، وتحويل دفة الأمور من دعم للشعب الفلسطيني ورفض لجرائم حرب الحكومة الصهيونية إلى خلق حالة استعطاف ربما تقلل من موجة التعاطف العالمي للقضية الفلسطينية، ورغم الخطة المحكمة التي كانت تستعد لها حكومة الصهاينة لترويجها إلا أن إرادة الله أبطلت سحرهم، وجاءت عصا محمد الأحمد لتبلع إفكهم وسحرهم الذي انتهى إلى تعاطف دولي ومحلي مع البطل السوري المسلم.

وبالمناسبة فإن هذه الحادثة وقعت بينما هناك حادثة أخرى جرت على أرض سورية قتل فيها ثلاثة جنود أمريكيين على يد عنصر أمن سوري وأريد منها أن تُدين الحكومة السورية، وأيضا تم إبطال مفعول هذه الخطة ليأتي محمد الأحمد ليرسم اسم سوريا والسوريين في مكان بعيد من العالم كبلد ينشد الحرية والسلام في الوقت الذي تعربد فيه دولة الكيان في دول الجوار.

وفي الوقت الذي أشاد فيه العالم ببطولة أحمد الأحمد المسلم السوري كانت دولة الإمارات العربية قد جهزت حملتها التلفزيونية الدعائية للتنديد بالحادث بوصفه إرهابا إسلاميا، وكما جاء على لسان بعض الناشطين من الشباب الإماراتي فقد تم الربط بين الإرهاب والإسلام وبين الإخوان المسلمين، وكأن الحملة الدعائية قد تم تصميمها في دولة الكيان وتُرك للإماراتيين اختيار الممثلين أو الناشطين ليتحدثوا إلى العالم باللغة الإنجليزية باعتبارهم رُسل سلام. وربما يقول البعض: ولماذا نغضب من مثل هذه الحملات؟ والإجابة أن من يدافع عن السلام ويرفض الحرب وجرائمها عليها أن يمد الخط على استقامته، وأن يطلق حملات لإدانة جرب الإبادة الجماعية في فلسطين، وأن يخرج إلى العالم حملات للتنديد بعنف الصهاينة سواء في جيش الكيان أو في قطيع المستوطنين.

لم يكن ظهور شباب ما يسمى بالناشطين الإماراتيين المنددين بالإرهاب مستغربا ولا كان غريبا أنهم أتوا على ذكر الإخوان في دعايتهم الممجوجة، بل خرج عبد الخالق عبد الله، مستشار رئيس وزراء الإمارات، ليطالب بتشكيل تحالف دولي من 192 دولة لمواجهة الإخوان المسلمين على غرار ما جرى ضد داعش، رغم أنه لا يوجد دليل واحد على تورط الإخوان من قريب أو بعيد في حادثة أستراليا، لكن القوم استعجلوا أمرهم فكشف الله خبيئة نواياهم فأظهرها وفضحهم في لحظة واحدة.

أدرك حقيقة اللحظة التي تمنى فيها نتنياهو وعصابته تماما كما تمنت حكومة أبو ظبي وشياطينها؛ أنه من الممكن استغلال حادثة أستراليا لتوجيه ضربة للإسلام عبر إدعاء محاربتهم للإرهاب والتطرف والإخوان، لكن خاب مسعاهم وضل سعيهم.
التعليقات (0)

خبر عاجل