ثمة ثلاث حقائق
أصبحت شبه ثابتة، بالنسبة إلى
حرب الإبادة، التي تشنّ منذ ما يقرب من ثلاثة وعشرين
شهرا، على قطاع
غزة..
أولها، تصميم
نتنياهو وحلفائه في الحكومة الصهيونية، المضيّ فيها إلى آخر مدى ممكن، وبتحدٍّ سافر
لمعارضيها في العالم أجمع. وقد شمل ذلك رأيا عاما غربيا وعالميا، تدهورت فيه سمعة الكيان
الصهيوني، إلى أسفل الدركات، مما يشكل خطرا استراتيجيا مستقبليا، على وجود الكيان الصهيوني،
وهو غير الشرعي أصلا، في فلسطين.
الحقيقة الثانية،
تمثلت في تغطية حرب الإبادة من الدول الغربية، خصوصا من الإدارة الأمريكية، ومن
ترامب
شخصيا. وجاءت المواقف ذات الصلة مزدوجة، فمن جهة عدم تسميتها حرب إبادة؛ لأن حرب الإبادة
محرمّة دوليا، وتعدّ جريمة حرب،
أخطر ما في هذه الازدواجية هو الاستمرار، وبلا توقف، بدعم الكيان الصهيوني بالسلاح، والتهرّب من إدانته دوليا بارتكاب سلسلة من جرائم الإبادة والحرب. وهو ما سمح لنتنياهو وحكومته باستمرار حرب الإبادة
وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي في الحروب، كما
في أيّ من الصراعات. أما من الجهة الأخرى، تمثلت في عدم الضغط الكافي لوقفها.
ولعل أخطر
ما في هذه الازدواجية هو الاستمرار، وبلا توقف، بدعم الكيان الصهيوني بالسلاح، والتهرّب
من إدانته دوليا بارتكاب سلسلة من جرائم الإبادة والحرب. وهو ما سمح لنتنياهو وحكومته
باستمرار حرب الإبادة، وصولا إلى الإعلان عن احتلال مدينة غزة، وعدم الرضوخ لوقف الحرب.
أما الحقيقة
الثالثة، فتتمثل في ما يحمله المستقبل من نتائج هذه الحرب الإجرامية، على كل الصعد،
والتي لا مفرّ من أن تضع الحرب أوزارها، وقد تعدّت كل الحدود.
وأن أول هذه
النتائج التي يمكن اعتبارها حُسِمت منذ الآن، بل منذ عدّة أشهر، وهي هزيمة الكيان الصهيوني،
سياسيا وأخلاقيا ورأيا عاما عالميا، فضلا عن عزلته الدولية، وتدهور سمعته. وقد حُسِم
هذا بالنسبة إلى القانون الدولي، والأعراف الإنسانية، وحتى بمقاييس الحروب التي عرفها
العالم، خلال القرون الثلاثة الماضية في الأقل.
وهذا مع إضافة
خسارة الكيان عسكريا، في ميدان الحرب البريّة بين جيش الكيان الصهيوني والمقاومة، وقد
كانت يدها هي العليا في كل الاشتباكات الصفرية، مما أفشل تحقيق أهداف نتنياهو، بالقضاء
على
المقاومة.
وهذا لا تبطله
مواصلة حرب "عربات جدعون 2"؛ لأن الموضوع حُسِم من خلال فشل عمليات "عربات
جدعون 1"، ومن ثم اعتماد "عربا جدعون 2" على تدمير ما تبقى من أبنية،
كما هي خطة نتنياهو، فيما عسكريا فشل جيش الكيان الصهيوني، في تحقيق هدفه بالقضاء على
المقاومة، أو الحيلولة دون مواصلة عملياتها المبهرة، كما تُرجمت في الميدان.
يخطئ من يطلب من المقاومة وقف الحرب بأيّ ثمن، بدلا من أن تظل المسؤولية الكاملة، في جريمة حرب الإبادة وممارستها، على نتنياهو وعلى من يغطيه
يشغب على هذا
التقويم، في قراءة الحرب العدوانية على غزة، أهوال ما ارتكب من قتل وتجويع للناس، عموما
في غزة، وما دمّر ويدمّر من بيوت وعمار.
هنا أصبح عدم
وقف المذابح البشرية، وما تعكسه من مشاعر محقة لا يحتملها مُشاهد حتى لو كان محايدا،
يؤدي بحق إلى موقف يجعل من وقف الحرب المطلب الأول. ولكن يخطئ من يطلب من المقاومة
وقف الحرب بأيّ ثمن، بدلا من أن تظل المسؤولية الكاملة، في جريمة حرب الإبادة وممارستها،
على نتنياهو وعلى من يغطيه، وبدلا من تحميله وحده مسؤولية عدم وقفها، إذ هو وحده بعد
ترامب من يستطيع وقفها.
لقد أثبتت
تجربة التفاوض أن المقاومة كانت هي الحريصة على وقف الحرب، ومن ثم لا يحق لأحد أن يحمّلها
أدنى مسؤولية، بل من واجب الجميع أن يوجّه ضغطه على نتنياهو لوقف هذه الحرب، بل ويعلن
دعمه للمقاومة والشعب في غزة، ويضغط لوقف الحرب وإفشال حرب الإبادة، ليخرج المعتدون
مهزومين.